تَغَيَّرَتِ البِلادُ ومَنْ عليها فوَجْهُ الأرْضِ مُغْبَرٌ قبيحٌ
تَغَيَّرَ كلُّ ذِي لَوْنٍ وقَلَّ بَشَاشَةُ الوَجْهِ المَلِيحْ
قال فأجيب آدم :
أبا هابيل قد قُتِلا جَمِيعاً وصارَ الحَيُّ كالمَيِّتِ الذَّبِيحْ
وجَاءَ بِشَرِّ ما قَدْ كانَ منه على خَوْفٍ فَجَاءَ بها تَصِيحْ
واختلف في قابيل هل كان عند قتل أخيه كافراً أو فاسقاً؟ فقال قوم كان كافراً، وقال آخرون بل كان رجل سوء فاسقاً.
قال ابن جريج : لم يزل بنو آدم فى نكاح الأخوات حتى مضي أربعة آباء، فنكح ابنة عمه وذهب نكاح الأخوات.
قوله تعالى :﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ ﴾ معناه لئن بدأتني بالقتل لم أبدأك بمثله، وفي امتناعه من دفعه قولان :
أحدهما : منعه منه التحرج مع قدرته عليه وجوازه له، وهذا قول ابن عباس، وعبد الله بن عمر.
والثاني : أنه لم يكن له الامتناع ممن أراد إذ ذاك، وهذا قول مجاهد والحسن.
قوله تعالى :﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ﴾ معناه ترجع، وفيه تأويلان : إحدهما : أن تبوء بإثم قتلي وإثمك الذي عليك من معاصيك وذنوبك، وهذا قول ابن عباس، وابن مسعود.
والثاني : يعني أن تبوء بإثمي فى خطاياي، وإثمك بقتلك لي، فتبوء بهما جميعاً، وهذا قول مجاهد.
وروى الأعمش، عند عبد الله بن مرة، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ :« مَا مِنْ نَفْسٍ تُقتَلُ ظُلْماً إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ
»
. قوله تعالى :﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ ﴾ معنى طوعت أي فعلت من الطاعة، وفيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : يعنى شجعت، وهو قول مجاهد.
والثاني : يعني زينت، وهو قول قتادة.
والثالث : يعني فساعدته.
وكان هابيل أول من قُتِلَ في الأرض، وقيل إن قابيل لم يدر كيف يقتله حتى ظهر له إبليس فعلمه، وقيل إنه قتله غيلة، بأن ألقى عليه وهو نائم صخرة، شدخه بها.
قوله تعالى :﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : يعني عورة أخيه.
والثاني : جيفة أخيه لأنه تركه حتى أنتن، فقيل لجيفته سوأة.
وفي الغراب المبعوث قولان :
أحدهما : أنه كان ملكاً على صورة الغراب، فبحث الأرض على سوأة أخيه حتى عرف كيف يدفنه.
والثاني : أنه كان غراباً بحث الأرض على غراب آخر.
﴿ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخَي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ قيل إنه ندم علىغير الوجه الذي تصح منه التوبة، فلذلك لم تقبل منه، ولو ندم على الوجه الصحيح لقبلت توبته.
وروى معمر، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي ﷺ، أنه قال :« إِنَّ ابْنَي آدَمَ ضَرَبَ مَثَلاً لِهَذِهِ الأَمَّةِ، فَخُذُوا مِنْ خَيرِهِمَا، وَدَعُوا شَرَّهُمَا
»
.


الصفحة التالية
Icon