أحدها : أنه مُدٌّ واحد من سائر الأجناس، قاله ابن عمر، وزيد بن ثابت، وعطاء، وقتادة، وهو قول الشافعي.
والثاني : أنه نصف صاع من سائر الأجناس، قاله علي، وعمر، وهو مذهب أبي حنيفة.
والثالث : أنه غداء وعشاء، قاله علي في رواية الحارث عنه، وهو قول محمد بن كعب القرظي، والحسن البصري.
والرابع : أنه ما جرت به عادة المكفر فى عياله، إن كان يشبعهم أشبع المساكين، وإن كان لا يشبعهم فعلى قدر ذلك، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير.
والخامس : أنه أحد الأمرين من غداء أو عشاء، قاله بعض البصريين.
ثم قال تعالى :﴿ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ﴾ وفيها خمسة أقاويل :
أحدها : كسوة ثوب واحد، قاله : ابن عباس، ومجاهد، وطاووس، وعطاء، الشافعي.
والثاني : كسوة ثوبين، قاله أبو موسى الأشعري، وابن المسيب، والحسن، وابن سيرين.
والثالث : كسوة ثوب جامع كالملحفة والكساء، قاله إبراهيم.
والرابع : كسوة إزار ورداء وقميص، قاله ابن عمر.
والخامس : كسوة ما تجزىء فيه الصلاة، قاله بعض البصريين.
ثم قال تعالى :﴿ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ يعني أو فك رقبة من أسر العبودية إلى حال الحرية والتحرير، والفك : العتق، قال الفرزدق :

أبني غدانة إنني حررتكم فوهبتكم لعطية بن جعال
ويجزىء صغيرها، وكبيرها، وذكرها، وأنثاها، وفي استحقاق أَثمانها قولان :
أحدهما : أنه مستحق ولا تجزىء الكفارة، قاله الشافعي.
والثاني : أنه غير مستحق، قاله أبو حنيفة.
ثم قال تعالى :﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ﴾ فجعل الله الصوم بدلاً من المال عند العجز عنه، وجعله مع اليسار مخيراً بين التكفير بالإِطعام، أو بالكسوة، أو بالعتق، وفيها قولان :
أحدهما : أن الواجب منها أحدها لا يعينه عند الجمهور من الفقهاء.
والثاني : أن جميعها واجب، وله الاقتصار على أحدها، قاله بعض المتكلمين، وشاذ من الفقهاء.
وهذا إذا حقق خلف في العبارة دون المعنى.
واختلف فيما إذا لم يجده صام على خمسة أقاويل :
أحدها : إذا لم يجد قوته وقوت من يقوت صام، قاله الشافعي.
والثاني : إذا لم يجد ثلاثة دراهم صام، قاله سعيد بن جبير.
والثالث : إذا لم يجد درهمين، قاله الحسن.
والرابع : إذا لم يجد مائتي درهم صام، قاله أبو حنيفة.
والخامس : إذا لم يجد فاضلاً عن رأس ماله الذي يتصرف فيه لمعاشه صام. وفي تتابع صيامه قولان :
أحدهما : يلزمه، قاله مجاهد، وإبراهيم، وكان أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود يقرآن :﴿ فصيام ثلاثة أيام متتابعات ﴾
والثاني : إن صامها متفرقة جاز، قاله مالك، والشافعي في أحد قوليه :
﴿ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ﴾ يعني وحنثتم، فإن قيل فلِمَ لَمْ يذكر مع الكفارة التوبة؟ قيل : لأنه ليس كل يمين حنث فيها كانت مأثماً توجب التوبة، فإن اقترن بها المأثم لزمت التوبة بالندم، وترك العزم على المعاودة.
﴿ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : يعني احفظوها أن تحلفوا.
والثاني : احفظوها أن تحنثوا.


الصفحة التالية
Icon