قوله تعالى :﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ... ﴾ في قوله :﴿ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنها الشهادة بالحقوق عند الحكام.
والثاني : أنها شهادة الحضور للوصية.
والثالث : أنها أيمان، ومعنى ذلك أيمان بينكم، فعبر عن اليمين بالشهادة كما قال في أيمان المتلاعنين :﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتِ بِاللَّهِ ﴾.
وفي قوله تعالى :﴿... اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مَِّنكُمْ ﴾ تأويلان :
أحدهما : يعني من المسلمين، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني : من حي المُوصِي، قاله الحسن، وسعيد بن المسيب، وعكرمة وفيهما قولان : أحدهما : أنهما شاهدان يشهدان على وصية المُوصِي.
والثاني : أنهما وصيان.
﴿ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : من غير دينكم من أهل الكتاب، قاله ابن عباس، وأبو موسى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم، وشريح.
والثاني : من غير قبيلتكم وعشيرتكم، قاله الحسن، وعكرمة، والزهري، وعبيدة.
وفي ﴿ أَوْ ﴾ في هذا الموضع قولان :
أحدهما : أنها للتخيير في قبول اثنين منا أو آخرين من غيرنا.
والثاني : أنها لغير التخيير، وإن معنى الكلام، أو آخران من غيركم إن لم تجدوا، منكم، قاله ابن عباس وشريح، وسعيد بن جبير والسدي.
﴿ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ ﴾ يعني سافرتم.
﴿ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ﴾ وفي الكلام محذوف تقديره : فأصابتكم مصيبة الموت، وقد أسندتم الوصية إليهما.
ثم قال تعالى :﴿ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ ﴾ يعني تستوقفونهما للأيمان وهذا خطاب للورثة، وفي هذه الصلاة ثلاثة أقوال :
أحدها : بعد صلاة العصر، قاله شريح، والشعبي، وسعيد بن جبير وقتادة.
والثاني : من بعد صلاة الظهر، والعصر، قاله الحسن.
والثالث : من بعد صلاة أهل دينهما ومِلَّتِهِمَا من أهل الذمة، قاله ابن عباس، والسدي.
﴿ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ أَرْتَبْتُمْ لاَ تَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً ﴾ معناه فيحلفان بالله إن ارتبتم بهما، وفيهما قولان : أحدهما : أنهما الوصيان إن ارتبتم بهما في الخيانة أَحْلَفَهُمَا الورثة.
والثاني : أنهما الشاهدان إن ارتبتم بهما، ولم تُعْرَفْ عدالتهما، ولا جرحهما، أحلفهما الحاكم ليزول عنه الارتياب بهما، وهذا إنما جوزه قائل هذا القول في السفر دون الحضر.
وفي قوله تعالى :﴿ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً ﴾ تأويلان :
أحدهما : لا نأخذ عليه رشوة، قاله ابن زيد.
والثاني : لا نعتاض عليه بحق.
﴿ وَلَو كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ أي لا نميل مع ذي القربى في قول الزور، والشهادة بغير حق.
﴿ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ ﴾ يعني عندنا فيما أوجبه علينا.
قوله تعالى :﴿ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً ﴾ يعني فإن ظهر على أنهما كَذَبَا وخَانَا، فعبر عن الكذب بالخيانة والإِثم لحدوثه عنهما.
وفي الذين :﴿ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اْسْتَحَقَّا إِثْماً ﴾ قولان :
أحدهما : أنهما الشاهدان، قاله ابن عباس.
والثاني : أنهما الوصيان، قاله سعيد بن جبير.
﴿ فَئَاخَرَان ﴾ يعني من الورثة.
﴿ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا ﴾ في اليمين، حين ظهرت الخيانة.
﴿ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهُمُ الأَوْلَيَانِ ﴾ فيه تأويلان :


الصفحة التالية
Icon