قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بئَايَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَآءِ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أي لا تفتح لأرواحهم لأنها تفتح لروح الكافر وتفتح لروح المؤمن، قاله ابن عباس، والسدي.
والثاني : لا تفتح لدعائهم، قاله الحسن.
والثالث : لا تفتح لأعمالهم، قاله مجاهد، وإبراهيم.
والرابع : لا تفتح لهم أبواب السماء لدخول الجنة لأن الجنة في السماء، وهذا قول بعض المتاخرين.
والخامس : لا تفتح لهم أبواب السماء لنزول الرحمة عليهم، قاله ابن بحر.
﴿ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يِلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : سم الخياط : ثقب الإبرة، قاله ابن عباس، الحسن، ومجاهد، وعكرمة، والسدي.
والثاني : أن سم الخياط هو السم القاتل الداخل في مسام الجسد أي ثقبه.
وفي ﴿ الْجَمَلِ ﴾ قراءتان :
إحداهما : وعليها الجمهور، الجَمَل بفتح الجيم وتخفيف الميم وهو ذو القوائم الأربع.
والثانية الجُمَّل بضم الجيم وتشديد الميم وهو القلس الغليظ، وهذه قراءة سعيد بن جبير، وإحدى قراءتي ابن عباس، وكان ابن عباس يتأول أنه حبل السفينة.
ومعنى الكلام أنهم لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يدخل الجمل في سم الخياط أبداً، وضرب المثل بهذا أبلغ في إياسهم من إرسال الكلام وإطلاقه في النفي، والعرب تضرب هذا للمبالغة، قال الشاعر :

إذا شاب الغراب أتيت أهلي وعاد القار كاللبن الحليب
قوله تعالى :﴿ لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ ﴾ قال الحسن : فراش من نار، والمهاد : الوِطَاء، ومنه أخذ مهد الصبي.
﴿ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها اللحف.
والثاني : اللباس.
والثالث : الظلل، قاله الحسن.
والمراد بذلك أن النار من فوقهم ومن تحتهم، فعبر عما تحتهم بالمهاد، وعما فوقهم بالغواش.


الصفحة التالية
Icon