« أُمِرُوا بِأَدْنَى بَقَرةٍ وَلَكِنَّهُم لَمَّا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِم شَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِم، وَأيمُ اللهِ لَو أَنَّهُم لَمْ يَسْتَثْنُوا لَمَا بُيِّنَتْ لَهُم آخرُ الأَبَدِ » يعني أنهم لو لم يقولوا :﴿ وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾ ما اهتدوا إليها أبداً.
قوله تعالى :﴿ قَالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرةٌ لاَّ ذَلُولٌ ﴾ يعني لم يذللها العمل.
﴿ تُثِيرُ الأَرْضَ ﴾ والإثارة تفريق الشيء، أي ليست مما يثير الأرض للزرع، ولا يسقى عليها الزرع. [ وقيل يثير فعل مستأنف والمعنى إيجاب الحرث لها وأنها كانت تحرث ولا تسقى ].
وليس هذا الوجه بشيء، بل نفي عنها جميع ذلك.
﴿ مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيها ﴾ وفي ذلك أربعة تأويلات :
أحدها : مُسَلَّمَةٌ من العيوب، وهذا قول قتادة، وأبي العالية.
والثاني : مُسَلَّمَةٌ من العمل.
والثالث : مُسَلَّمَةٌ من غصب وسرقة، فتكون حلالاً.
والرابع : مُسَلَّمَةٌ من.....
. وفي ﴿ شِيَةَ ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : ليس فيها علامة خاصة، حكاه السدي.
والثاني : أنه ليس فيها لون، يخالف لونها من سواد أو بياض.
والثالث : أنه الوضَح وهو الجمع بين ألوان من سواد وبياض.
وأصله من وشي الثوب، وهو تحسين عيوبه بألوان مختلفة، ومنه قيل للساعي بالرجل عند السلطان واشٍ، لأنه يحسّن كذبه عنده، حتى يقبله منه.
﴿ قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : الآن بَيّنْت الحق، وهو قول قتادة.
والثاني : معناه أنه حين بيّنها لهم، قالوا هذه بقرة فلان، الآن جئت بالحق فيها، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد.
وفي قوله تعالى :﴿ فَذَبَحُوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ تأويلان :
أحدهما : أنهم كادوا ألاّ يفعلوا لغلاء ثمنها، لأنهم اشتروها على ما حَكَى ابن عباس، ومحمد بن كعب : بملء مَسْكها ذهباً من مال المقتول. وقيل بوزنها عشر مرات.
والثاني : أنهم كادوا ألاّ يفعلوا خوفاً من الفضيحة على أنفسهم في معرفة القاتل، وهذا قول وهب، وقال عكرمة : ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير. وقيل : كانت البقرة وحشية.


الصفحة التالية
Icon