والثامن ( ٩٢ ) : أنه حروف هجاء أَعلم الله تعالى بها العَرَب حين تحداهم بالقرآن، أنه مُؤلَف من حروف كلام، هي هذه التي منها بناء كلامهم ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم، إذ لم يخرج عن كلامهم.
فأما حروف أبجدَ فليس بناء كلامهم عليها، ولا هي أصل، وقد اختلف أهل العلم فيها على أربعة أقاويل :
أحدها : أنها الأيام الستة، التي خلق الله تعالى فيها الدنيا، وهذا قول الضحاك بن مزاحم ( ٩٣ ).
والثاني : أنها أسماء ملوك مَدْيَن، وهذا قول الشعبي وفي قول بعض شعراء مَدْيَن دليل على ذلك قال شاعرهم :

أَلاَ يَا شُعَيْبٌ قَدْ نَطَقْتَ مَقَالةً سَبَبْتَ بِهَا عَمْراً وَحَيَّ بني عَمْرو
مُلُوكُ بني حطّى وَهَوَّزُ مِنْهُمُ وَسَعْفَصُ أَصْلٌ لِلْمَكَارِمِ وَالْفَخْرِ
هُمُ صَبَّحُوا أَهْلَ الحِجَازِ بغارَةٍ كَمِثْل شُعَاعِ الشَّمْسِ أَوْ مَطْلَعِ الْفَجْرِ
والثالث : ما روى ميمون بن مهران ( ٩٤ )، عن ابن عباس، أن لأبي جاد حديثاً عجباً :( أبى ) آدمُ الطاعة، و ( جد ) في أكل الشجرة، وأما ( هوّز )، فنزل آدم فهوى من السماء إلى الأرض، وأما ( حطي ) فحطت خطيئته، وأما ( كلمن ) فأكل من الشجرة، ومَنَّ عليه بالتوبة، وأما ( سعفص ) فعصى آدم، فأُخرج من النعيم إلى النكد، وأما قرشت فأقرّ بالذنب، وسَلِمَ من العقوبة ( ٩٥ ).
والرابع : أنها حروف من أسماء الله تعالى، روى ذلك معاوية بن قرة ( ٩٦ )، عن أبيه، عن النبي ﷺ ( ٩٧ ).


الصفحة التالية
Icon