قوله تعالى :﴿ وَقَالُوا : كُونُوا هُوداً أوْ نَصَارى تَهْتَدُوا ﴾ يعني أن اليهودَ قالوا : كونوا هوداً تهتدوا، وقالت النصارى : كونوا نصارى تهتدوا، فرد الله تعالى ذلك عليهم، فقال :﴿ قُلْ : بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ﴾ وفي الكلام حذف، يحتمل وجهين :
أحدهما : أن المحذوف بل نتبع ملة إبراهيم، ولذلك جاء به منصوباً.
والثاني : أن المحذوف بل نهتدي بملة إبراهيم، فلما حذف حرف الجر، صار منصوباً، والملة : الدين، مأخوذ من الإملاء، أي ما يُمْلُون من كتبهم.
وأما الحنيف، ففيه أربعة تأويلات :
أحدها : أنه المخلص، وهو قول السدي.
والثاني : أنه المتَّبع، وهو قول مجاهد.
والثالث : الحاج، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والرابع : المستقيم.
وفي أصل الحنيف في اللغة وجهان :
أحدهما : الميل، والمعنى أن إبراهيم حَنَفَ إلى دين الله، وهو الإسلام فسمي حنيفاً، وقيل للرجل أحْنَف لميل كل واحدة من قدميه إلى أختها.
والوجه الثاني : أن أصله الاستقامة، فَسُمِّي دين إبراهيم « الحنيفية » لاستقامته وقيل للرجل أحنف، تطيّراً من الميل وتفاؤلاً بالاستقامة، كما قيل لِلًّدِيغ سليم، وللمُهْلِكةِ من الأرض مفازة.


الصفحة التالية
Icon