قوله تعالى ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ وفي نوره قولان :
أحدهما : أنه القرآن والإسلام، قاله الحسن وقتادة.
والثاني : أنه آياته ودلائله لأنه يهتدى بها كما يهتدى بالأنوار.
وإنما خص ذلك بأفواههم لما ذكرنا أنه ليس يقترن بقولهم دليل.
﴿ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ﴾ وليس يريد تمامه من نقصان لأن نوره لم يزل تاماً. ويحتمل المراد به وجهين :
أحدهما : إظهار دلائله.
والثاني : معونة أنصاره.
قوله تعالى ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ﴾ يعني محمداً ﷺ أرسله الله إلى خلقه بالهدى ودين الحق.
وفيها أربعة تأويلات :
أحدها : أن الهدى البيان، ودين الحق الإسلام، قاله الضحاك.
والثاني : أن الهدى الدليل، ودين الحق المدلول عليه.
والثالث : معناه بالهدى إلى دين الحق.
والرابع : أن معناهما واحد وإنما جمع بينهما تأكيداً لتغاير اللفظين.
﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : يعني عند نزول عيسى عليه السلام فإنه لا يعبد الله تعالى إلاّ بالإٍسلام، قاله أبو هريرة.
والثاني : معناه أن يعلمه شرائع الدين كله ويطلعه عليه، قاله ابن عباس.
والثالث : ليظهر دلائله وحججه، وقد فعل الله تعالى ذلك، وهذا قول كثير من العلماء.
والرابع : ليظهره برغم المشركين من أهله.
والخامس : أنه وارد على سبب، وهو أنه كان لقريش رحلتان رحلة الصيف إلى الشام ورحلة الشتاء إلى اليمن والعراق فلما أسلموا انقطعت عنهم الرحلتان للمباينة في الدين فذكروا ذلك للنبي ﷺ فأنزل الله تعالى عليه :﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ يعني في بلاد الرحلتين وقد أظهره الله تعالى فيهما. والسادس : أن الظهور الاستعلاء، ودين الإسلام أعلى الأديان كلها وأكثرها أهلاً، قد نصره الله بالبر والفاجر والمسلم والكافر، فروى الربيع بن أنس عن الحسن أن النبي ﷺ قال :« إِنَّ اللَّهِ يُؤَيِّدُ بِأَقْوَامٍ مَا لَهُم فِي الأَخِرَةِ مِن خَلاَقٍ
»
.


الصفحة التالية
Icon