قوله تعالى ﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : صدق العزم ونشاط النفس.
والثاني : الزاد والراحلة في السفر، ونفقة الأهل في الحضر. ﴿ وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انْبَِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ ﴾ وإنما كره انبعاثهم لوقوع الفشل بتخاذلهم كعبد الله بن أبي بن سلول، والجد بن قيس.
﴿ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مع القاعدين بغير عذر، قاله الكلبي.
والثاني : مع القاعدين بعذر من النساء والصبيان، حكاه علي بن عيسى. وفي قائل ذلك قولان :
أحدهما : أنه النبي ﷺ، غضباً عليهم، لعلمه بذلك منهم.
والثاني : أنه قول بعضهم لبعض.
قوله تعالى ﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ﴾ يعني اضطراباً حكاه ابن عيسى.
والثاني : فساداً، قاله ابن عباس.
فإن قيل : فلم يكونوا في خبال فيزدادوا بهؤلاء الخارجين خبالاً.
قيل هذا من الاستثناء المنقطع، وتقديره : ما زادوكم قوة، ولكن أوقعوا بينكم خبالاً.
﴿ وَلأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ﴾ أما الإيضاع فهو إسراع السير، ومنه قول الراجز :
يا ليتني فيها جذع... أخُبّ فيها وأضَعْ
وأما الخلال فهو من تخلل الصفوف وهي الفُرَج تكون فيها، ومنه قول النبي ﷺ :« تَرَاصُّوا فِي الصُّفُوفِ وَلاَ يَتَخَلَّلْكُمْ، كَأَولاَدِ الحذف يَعْنِي الشَّيَاطِينَ » والخلال هو الفساد، وفيه ها هنا وجهان :
أحدهما : لأسرعوا في إفسادكم.
والثاني : لأوضعوا الخلف بينكم.
وفي الفتنة التي يبغونها وجهان :
أحدهما : الكفر.
والثاني : اختلاف الكلمة وتفريق الجماعة.
﴿ وَفِيكُمْ سّمَّاعُونَ لَهُمْ ﴾ وفيهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : وفيكم من يسمع كلامهم ويطيعهم، قاله قتادة وابن إسحاق.
والثاني : وفيكم عيون منكم ينقلون إلى المشركين أخباركم، قاله الحسن.


الصفحة التالية
Icon