قوله تعالى :﴿ الأعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون الكفر والنفاق فيهم أكثر منه في غيرهم لقلة تلاوتهم القرآن وسماعهم السنن.
الثاني : أن الكفر والنفاق فيهم أشد وأغلظ منه في غيرهم لأنهم أجفى طباعاً وأغلظ قلوباً.
﴿ وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ ﴾ ومعنى أجدر أي أقرب، مأخوذ من الجدار الذي يكون بين مسكني المتجاورين.
وفي المراد بحدود الله ما أنزل الله وجهان :
أحدهما : فروض العبادات المشروعة.
الثاني : الوعد والوعيد في مخالفة الرسول ﷺ والتخلف عن الجهاد.
قوله تعالى ﴿ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ما يدفع من الصدقات.
الثاني : ما ينفق في الجهاد مع الرسول ﷺ مغرماً، والمغرم التزام ما لا يلزم، ومنه قوله تعالى ﴿ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً ﴾ [ الفرقان : ٦٥ ] أي لازماً، قال الشاعر :

فَمَا لَكَ مَسْلُوبَ العَزَاءِ كَأَنَّمَا تَرَى هَجْرَ لَيْلَى مَغْرَماً أَنْتَ غارِمُهُ
﴿ وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَآئِرَ ﴾ جمع دائرة وهي انقلاب النعمة إلى ضدها، مأخوذة من الدور ويحتمل تربصهم الدوائر وجهين :
أحدهما : في إعلان الكفر والعصيان.
والثاني : في انتهاز الفرصة بالانتقام.
﴿ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾ رد لما أضمروا وجزاء لما مكروا.
قوله تعالى ﴿ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ قال مجاهد : هم بنو مقرن من مزينة.
﴿ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أنها تقربة من طاعة الله ورضاه.
الثاني : أن ثوابها مذخور لهم عند الله تعالى فصارت قربات عند الله ﴿ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ﴾ فيها وجهان :
أحدهما : أنه استغفاره لهم، قاله ابن عباس.
الثاني : دعاؤه لهم، قاله قتادة.
﴿ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون راجعاً إلى إيمانهم ونفقتهم أنها قربة لهم.
الثاني : إلى صلوات الرسول أنها قربة لهم.


الصفحة التالية
Icon