قوله تعالى :﴿... فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ذاهباً.
الثاني : يابساً. ﴿ كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِألأَمْسِ ﴾ فيه أربعه تأويلات :
أحدها : كأن لم تعمر بالأمس، قاله الكلبي.
الثاني : كأنه لم تعش بالأمس، قاله قتادة، ومنه قول لبيد :
وغنيت سبتاً بعد مجرى داحس | لو كان للنفس اللجوج خلود |
الرابع كأن لم تنعم بالأمس، قاله قتادة أيضاً.
قوله تعالى :﴿ وَاللَّهَ يَدُعُواْ إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ﴾ يعني الجنة. وفي تسميتها دار السلام وجهان :
أحدهما : لأن السلام هو الله، والجنة داره.
الثاني : لأنها دار السلامة من كل آفة، قاله الزجاج.
﴿ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ في هدايته وجهان :
أحدهما : بالتوفيق والمعونة.
الثاني : بإظهار الأدلة وإقامة البراهين.
وفي الصراط المستقيم أربعة تأويلات :
أحدها : أنه كتاب الله تعالى، روى علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى ». الثاني : أنه الإسلام، رواه النواس بن سمعان عن رسول الله ﷺ.
الثالث : أنه رسول الله ﷺ وصاحباه من بعده أبو بكر وعمر، قاله الحسن وأبو العالية. الرابع : أنه الحق، قاله مجاهد وقتادة.
روى جابر بن عبد الله قال : خرج علينا رسول الله يوماً فقال :« رَأيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ عِندَ رَأْسِي وَمِيكآئِيلَ عِندَ رِجْلَيّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبهِ : أضْرِبْ لَهُ مَثَلاً، فَقَالَ : اسْمَعْ سَمْعَتْ أُذُنُكَ، وَاعْقِلْ، عَقَلَ قَلْبُكَ، إِنَّمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُ أُمَّتِكَ كَمَثَلِ مَلِكٍ أتَّخَذَ دَاراً ثُمَّ بَنَى فِيهَا بَيتاً ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا مَائِدَةً ثُمَّ بَعَثَ رَسُولاً يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ فَمِنهُم مَّنْ أَجَابَ الرَّسُولَ وَمِنهُم مَّن تَرَكَهُ، فَاللَّهُ الْمَلِكُ، وَالدَّارُ الإسْلاَمُ، وَالْبَيْتُ الْجَنَّةُ، وََأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ الرَّسُولُ فَمَنْ أَجَابَكَ دَخَلَ فِي الإِسْلاَمِ، وَمَنْ دَخَلَ فِي الإِسْلاَمِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَن دَخَلَ الْجَنَّةَ أَكَلَ مِمَّا فيهَا » ثم تلا قتادة ومجاهد. ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ﴾.