قوله تعالى :﴿ أَلاَّ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ في ﴿ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ ﴾ ها هنا خمسة أقاويل :
أحدها : أنهم أهل ولايته والمستحقون لكرامته، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.
الثاني : هم ﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾.
الثالث : هم الراضون بالقضاء، والصابرون على البلاء، والشاكرون على النعماء.
الرابع : هم من توالت أفعالهم على موافقة الحق.
الخامس : هم المتحابون في الله تعالى.
روى جرير عن عمارة بن غزية عن أبي زرعة عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله ﷺ « إِنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ أُنَاسَاً مَّا هُم بِأَنْبِيْآءٍ وَلاَ شُهَدَآءٍ يَغْبِطُهُم الأنبِياءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَمَكَانِهِم مِّن اللَّهِ » قالوا : يا رسول الله خبّرنا من هم وما أعمالهم فإنا نحبهم لذلك، قال :« هُمْ قَوْمٌ تَحآبُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُم وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَونَهَا. فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُم لَعَلَى مَنَابَرَ مِن نُّورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حِزَنَ النَّاسُ » وقرأ ﴿ أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيهمِ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
وفيه وجهان : أحدهما : لا يخافون على ذريتهم فإن الله تعالى يتولاهم ولا هم يحزنون على دنياهم لأن الله تعالى يعوضهم عنها، وهو محتمل.
الثاني : لا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يحزنون عند الموت.
قوله تعالى :﴿ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : أن البشرى في الحياة الدنيا هي البشارة عند الموت بأن يعلم أين هو من قبل أن يموت، وفي الآخرة الجنة، قاله قتادة والضحاك، وروى علي بن أبي طالب عن النبي ﷺ أنه قال « إِنّ لِخَدِيجَةَ بِنتِ خُوَيِلدِ بَيْتاً مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَب
». الثاني : أن البشرى في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له، وفي الآخرة الجنة، روى ذلك عن رسول الله ﷺ أبو الدرداء وأبو هريرة وعبادة بن الصامت.
ويحتمل تأويلاً ثالثاً : أن البشرى في الحياة الدنيا الثناء الصالح، وفي الآخرة إعطاؤه كتابه بيمينه.
﴿ لاَ تَبْديلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لا خلف لوعده.
الثاني : لا نسخ لخيره.