قوله تعالى :﴿ فَإن كُنتَ في شَكٍّ مِّمَّآ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ ﴾ هذا خطاب من الله لنبيه يقول : إن كنت يا محمد في شك مما أنزلنا إليك، وفيه وجهان :
أحدهما : في شك أنك رسول.
الثاني : في شك أنك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل.
﴿ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكَتَابَ مِن قَبْلِكَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه أراد مَنْ منهم مثل عبد الله بن سلام وكعب الأحبار، قاله ابن زيد.
الثاني : أنه عنى أهل الصدق والتقوى منهم، قاله الضحاك.
فإن قيل : فهل كان النبي ﷺ شاكاً؟ قيل قد روي عن النبي ﷺ أنه قال :« لاَ أَشُكُ وَلاَ أَسْأَلُ
» وفي معنى الكلام وجهان : أحدهما :
أنه خطاب للنبي ﷺ والمراد به غيره من أمته، كما قال تعالى :﴿ يَآ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ ﴾ الآية [ الطلاق : ١ ].
والثاني : أنه خطاب ورد على عادة العرب في توليد القبول والتنبيه على أسباب الطاعة. كقول الرجل لابنه : إن كنت ابني فبرّني، ولعبده إن كنت مملوكي فامتثل أمري، ولا يدل ذلك على شك الولد في أنه ابن أبيه ولا أن العبد شاك في أنه ملك لسيده.
﴿ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ أي من الشاكّين.
قوله تعالى :﴿ إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : إن الذين وجبت عليهم كلمة ربك بالوعيد والغضب لا يؤمنون أبداً.
الثاني : إن الذين وقعت كلمته عليهم بنزول العذاب بهم لا يؤمنون أبداً.