قوله تعالى :﴿ فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتُ فَنَفَعَهآ إيمَانُهَا ﴾ والمراد بالقرية أهل القرية. ﴿ إلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ﴾ وهم أهل نينوى من بلاد الموصل فإن يونس عليه السلام وعدهم بالعذاب بعد ثلاثة أيام، فقالوا : انظروا يونس فإن خرج عنا فوعيده حق، فلما خرج عنهم تحققوه ففزعوا إلى شيخ منهم فقال : توبوا وادعوا وقولوا يا حي حين لاحي، ويا حي يا محيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت، فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل والدة وولدها، وخرجوا من قريتهم تائبين داعين فكشف الله عنهم العذاب كما قال تعالى :
﴿... كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ وفيه وجهان :
أحدهما : أنهم تابوا قبل أن يروا العذاب فلذلك قبل توبتهم، ولو رأوه لم يقبلها كما لم يقبل من فرعون إيمانه لما أدركه الغرق.
الثاني : أنه تعالى خصهم بقبول التوبة بعد رؤية العذاب، قال قتادة : كشف عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم ولم يكن بينهم وبين العذاب إلا ميل.
﴿ وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حينٍ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : إلى أجلهم، قاله السدي.
الثاني : إلى أن يصيرهم إلى الجنة أو النار، قاله ابن عباس.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إن الحذر لا يرد القدر، وإن الدعاء يرد القدر، وذلك أن الله تعالى يقول :﴿ إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ ﴾ قال عليّ رضي الله عنه ذلك يوم عاشوراء.