قوله تعالى :﴿ وقال للذي ظن أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك ﴾ فيه قولان : أحدهما : يعني للذي علم أنه ناج، فعبر عن العلم بالظن، قاله ابن شجرة. الثاني : أنه ظن ذلك من غير يقين.
وفي ظنه وجهان :
أحدهما : لأن عبارة الرؤيا بالظن فلذلك لم يقطع به، قاله قتادة.
الثاني : أنه لم يتيقن صدقهما في الرؤيا فكان الظن في الجواب لشكه في صدقهما.
﴿ اذكرني عند ربك ﴾ أي عند سيدك يعني الملك الأكبر الوليد بن الريان تأميلاً للخلاص إن ذكره عنده.
﴿ فأنساه الشيطان ذكر ربِّه ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن الذي نجا منهما أنساه الشيطان ذكر يوسف عند سيده حتى رأى الملك الرؤيا قاله محمد بن إسحاق.
الثاني : أن يوسف أنساه الشياطن ذكر ربه في الاستغاثة به والتعويل عليه.
روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ « رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال : اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث
»
. ﴿ فلبث في السِّجن بضع سنين ﴾ قال ابن عباس : عوقب يوسف بطول السجن بضع سنين لما قال للذي نجا منهما اذكرني عند ربك، ولو ذكر يوسف ربه لخلصه. وفي « البضع » أربعة أقاويل :
أحدها : من ثلاث إلى سبع، وهذا قول أبي بكر الصديق وقطرب.
الثاني : من ثلاث إلى تسع، قاله مجاهد والأصمعي.
الثالث : من ثلاث إلى عشر، قاله ابن عباس.
الرابع : ما بين الثلاث إلى الخمس، حكاه الزجاج.
قال الفراء : والبِضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين، ولا يذكر بعد المائة.
وفي المدة التي لبث فيها يوسف مسجوناً ثلاثة أقاويل :
أحدها : سبع سنين، قاله ابن جريج وقتادة.
الثاني : أنه لبث اثنتي عشرة سنة، قاله ابن عباس.
الثالث : لبث أربعة عشرة سنة، قاله الضحاك، وإنما البضع مدة العقوبة لا مدة الحبس كله.
وقال وهب : حبس يوسف سبع سنين، ومكث أيوب في البلاء سبع سنين.
قال الكلبي : حبس سبع سنين بعد الخمس السنين التي قال فيها ﴿ اذكرني عند ربك ﴾.


الصفحة التالية
Icon