قوله تعالى :﴿ قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ﴾ أي لنسرق، لأن السرقة من الفساد في الأرض. وإنما قالوا ذلك لهم لأنهم قد كانوا عرفوهم بالصلاح والعفاف. وقيل لأنهم ردّوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم، ومن يؤد الأمانة في غائب لا يقدم على سرقة مال حاضر.
﴿ وما كنا سارقين ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : ما كنا سارقين من غيركم فنسرق منكم.
والثاني : ما كنا سارقين لأمانتكم فنسرق غير أمانتكم. وهذا أشبه لأنهم أضافوا بذلك إلى عملهم.
قوله تعالى :﴿ قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ﴾ أي ما عقوبة من سرق منكم إن كنتم كاذبين في أنكم لم تسرقوا منا.
﴿ قالوا جزاؤه مَن وُجِدَ في رحلِه فهو جزاؤه ﴾ أي جزاء من سرق إن يُسْترق.
﴿ كذلك نِجزي الظالمين ﴾ أي كذلك نفعل بالظالمين إذا سرقوا وكان هذا من دين يعقوب.
﴿ فبدأ بأوعيتهم قبل وعاءِ أخيه ﴾ لتزول الريبة من قلوبهم لو بدىء بوعاء أخيه.
﴿ ثم استخرجها من وعاء أخيه ﴾ قيل عنى السقاية فلذلك أنّث، وقيل عنى الصاع، وهو يذكر ويؤنث في قول الزجاج. ﴿ كذلك كدنا ليوسُف ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : صنعنا ليوسف قاله الضحاك.
والثاني : دبّرنا ليوسف، قاله ابن عيسى.
﴿ ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : في سلطان الملك، قاله ابن عباس.
والثاني : في قضاء الملك، قاله قتادة.
والثالث : في عادة الملك، قال ابن عيسى : ولم يكن في دين الملك استرقاق من سرق. قال الضحاك : وإنما كان يضاعف عليه الغرم.
﴿ إلا أن يشاء الله ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إلا أن يشاء الله أن يُسْتَرق من سرق.
والثاني : إلا أن يشاء الله أن يجعل ليوسف عذراً فيما فعل.