قوله تعالى :﴿ قال هَلْ علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه ﴾ معنى قوله ﴿ هل علمتم ما فعلتم ﴾ أي قد علمتم، كقوله تعالى ﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر ﴾ أي قد أتى.
قال ابن إسحاق : ذكر لنا أنهم لما قالوا ﴿ مسّنا وأهلنا الضر ﴾ رحمهم ورقَّ لهم، فقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه؟ وعَدَّدَ عليهم ما صنعوا بهما.
﴿ إذ أنتم جاهلون ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني جهل الصغر.
الثاني : جهل المعاصي.
الثالث : الجهل بعواقب أفعالهم. فحينئذ عرفوه.
﴿ قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي ﴾ وحكى الضحاك في قراءة عبدالله : وهذا أخي وبيني وبينه قربى
﴿ قد مَنّ الله علينا ﴾ يعني بالسلامة ثم بالكرامة، ويحتمل بالإجتماع بعد طول الفرقة.
﴿ إنه مَنْ يتّق ويصبرْ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يتقي الزنى ويصبر على العزوبة، قاله إبراهيم.
الثاني : يتقي الله تعالى ويصبر على بلواه. وهو محتمل.
﴿ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ﴾ فيه قولان :
أحدهما : في الدنيا.
الثاني : في الآخرة.
قوله تعالى :﴿ قالوا تالله آثرك اللهُ علينا ﴾ مأخوذ من الإيثار، وهو إرادة تفضيل أحد النفسين على الآخر، قال الشاعر :
والله أسماك سُمًّا مباركاً | آثرك الله به إيثارَكاً |
أحدهما : آثمين.
الثاني : مخطئين. والفرق بين الخاطئ والمخطئ أن الخاطئ آثم.
فإن قيل : فقد كانوا عند فعلهم ذلك به صغاراً ترفع عنهم الخطايا.
قيل لما كبروا واستداموا إخفاء ما صنعوا صاروا حينئذ خاطئين.
قوله تعالى :﴿ قال لا تثريب عليكم ﴾ فيه قولان أربعة تأويلات :
أحدها : لا تغيير عليكم، وهو قول سفيان ابن عيينة.
الثاني : لا تأنيب فيما صنعتم، قاله ابن إسحاق.
الثالث : لا إباء عليكم في قولكم، قاله مجاهد.
الرابع : لا عقاب عليكم وقال الشاعر :
فعفوت عنهم عفو غير مثربٍ | وتركتهم لعقاب يومٍ سرمد |
أحدهما : لتوبتهم بالاعتراف والندم.
الثاني : لإحلاله لهم بالعفو عنهم.
﴿ وهو أرحم الراحمين ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : في صنعه بي حين جعلني ملكاً.
الثاني : في عفوه عنكم عما تقدم من ذنبكم.