قوله تعالى :﴿ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حَمَإٍ مسنون ﴾ أما الإنسان ها هنا فهو آدم عليه السلام في قول أبي هريرة والضحاك.
أما الصلصال ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه الطين اليابس الذي لم تصبه نار، فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة، قاله ابن عباس وقتادة، ومنه قول الشاعر :
وقاعٍ ترى الصَّلصال فيه ودونه | بقايا بلالٍ بالقرى والمناكبِ |
الثاني : أنه طين خلط برمل، قاله عكرمة.
الثالث : أنه الطين المنتن، قاله مجاهد، مأخوذ من قولهم : صَلَّ اللحمُ وأصَلَّ إذا أنتن، قال الشاعر :
ذاك فتى يبذل ذا قدرِهِ | لا يفسد اللحم لديه الصلول |
وفي المسنون سبعة أقاويل :
أحدها : أن المسنون المنتن المتغير، من قولهم قد أسن الماء إذا تغير، قاله ابن عباس، ومنه قول أبي قيس بن الأسلت :
سَقَتْ صدايَ رضاباً غير ذي أَسَنٍ | كالمسكِ فُتَّ على ماءٍ العناقيد |
الثالث : أن المسنون المصبوب، من قولهم سنيتُ الماء على الوجه إذا صببته عليه، قاله أبو عمرو بن العلاء، ومنه الأثر المروي عن عمر أنه كان يسن الماء على وجهه ولا يشنُّه، والشن تفريق الماء، والسن صبه.
الرابع : أن المسنون الذي يحك بعضه بعضاً، من قولهم سننت الحجر على الحجر إذا حككت أحدهما بالآخر، ومنه سمي المسَنّ لأن الحديد يسن عليه، قاله الفراء.
الخامس : أن المسنون المنسوب.
السادس : أنه الرطب، قاله ابن أبي طلحة.
السابع : أنه المخلص من قولهم سن سيفك أي اجلهُ.
قوله تعالى :﴿ والجانَّ خلقناه من قبل من نار السموم ﴾ وفي الجان ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه إبليس، قاله الحسن.
الثاني : أنهم الجن حكاه ابن شجرة.
الثالث : أنه أبو الجن قاله الكلبي فآدم أبو الإنس، والجان : أبو الجن، وإبليس أبو الشياطين.
قال ابن عباس : الجان أبو الجن وليسوا شياطين. والشياطين ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس. والجن يموتون، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر.
﴿ خلقناه من قبل ﴾ يعني من قبل آدم. قال قتادة : لأن آدم إنما خلق آخر الخلق.
وقوله تعالى :﴿ من نار السّموم ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : يعني من لهب النار، قاله ابن عباس.
الثاني : يعني من نار الشمس، قاله عمرو بن دينار.
الثالث : من حر السموم، والسموم : الريح الحارة. ذكره ابن عيسى.
الرابع : أنه نار السموم نار الصواعق بين السماء وبين حجاب دونها، قاله الكلبي وسمي سموماً لدخوله في مسام البدن.