قوله تعالى :﴿ قالوا إنا أُرسلنا إلى قومٍ مجرمين إلاّ آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين ﴾ آل لوط اتباعه ومؤمنو قومه، سمّاهم آلَهُ لنصرتهم له، وإيمانهم به، فاستثناهم من المجرمين المأمور بهلاكهم، فخرجوا بالاستثناء منهم.
ثم قال تعالى ﴿ إلاّ امْراَته ﴾ فكانت مستثناة من آل لوط ولاحقة بالمجرمين، لأن كل استثناء يعود إلى ما تقدمه فيخالفه في حكمه. فإن عاد إلى إثبات كان الاستثناء نفياً، وإن عاد إلى نفي كان الاستثناء إثباتاً، فصارت امرأة لوط ملحقة بالمجرمين المهلكين.
ومثال هذا في الإقرار أن يقول له : عليّ عشرة إلا سبعة إلا أربعة، فيكون عليه سبعة لأن الأربعة استثناء يرجع إلى السبعة التي قبلها، فصار الباقي منها ثلاثة. وتصير الثلاثة الباقية هي الاستثناء الراجع إلى العشرة، فيبقى منها سبعة.
وهكذا في الطلاق لو قال لزوجته : أنت طالق ثلاثاً أو اثنتين إلا واحدة طلقت ثنتين لأن الواحدة ترجع إلى الثنتين، فتبقى منها واحدة فتصير الواحدة هي القدر المستثنى من الثلاثة فيصير الباقي منها ثنتين وهكذا حكم قوله :﴿ إلا امرأته ﴾. ﴿ قدرنا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : معناه قضينا، قاله النخعي.
الثاني : معناه كتبنا، قاله علي بن عيسى.
﴿ إنها لَمِنَ الغابرين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أي من الباقين في العذاب مع المجرمين.
الثاني : من الماضين بالعذاب.