قوله تعالى :﴿ وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بُطونه ﴾ أي نبيح لكم شرب ما في بطونه، فعبر عن الإباحة بالسقي.
﴿ مِن بين فرثٍ ودمٍ لبناً خالصاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : خالصاً من الفرث والدم.
الثاني : أن المراد من الخالص هنا الأبيض، قاله ابن بحر ومنه قول النابغة :
يصونون أجساداً قديمها نعيمُها | بخالصةِ الأردان خُضْر المناكب |
أحدهما : حلال للشاربين.
الثاني : معناه لا تعافه النفس. وقيل : إنه لا يغص أحد باللبن. قوله تعالى :﴿ ومن ثَمَرات النخيل والأعناب تتخذون منه سَكراً ورزقاً حسَناً ﴾ فيها أربعة تأويلات :
أحدها : أن السكر الخمر، والرزق الحسن التمر والرطب والزبيب. وأنزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ثم حرمت من بعد. قال ابن عباس : السَّكر ما حرم من شرابه، والرزق الحسن ما حل من ثمرته، وبه قال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير ومن ذلك قول الأخطل :
بئس الصُّحاة وبئس الشرب شربهم | إذا جرى فيهم المزاءُ والسكُرُ |
واختلف من قال بهذا هل خرج مخرج الإباحة أو مخرج الخبر على وجهين :
أحدهما : أنه خرج مخرج الإباحة ثم نسخ. قاله قتادة.
الثاني : أنه خرج مخرج الخبر أنهم يتخذون ذلك وإن لم يحل، قاله ابن عباس.
الثاني : أن السّكَر : النبيذ المسكر، والرزق الحسن التمر والزبيب، قاله الشعبي والسدي.
وجعلها أهل العراق دليلاً على إباحة النبيذ.
الثالث : أن السكر : الخل بلغة الحبشة، الرزق الحسن : الطعام.
الرابع : أن السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن، وبه قال أبو جعفر الطبري وأنشد قول الشاعر :
وَجَعلت عيب الأكرمين سكرا...