قوله تعالى :﴿ وكذلك أعثرنا عليهم ﴾ فيه وجهان
أحدهما : أظهرنا أهل بلدهم عليهم.
الثاني : أطلعنا برحمتنا إليهم.
﴿ وليعلموا أن وعْدَ اللهِ حقٌّ... ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : ليعلم أهل بلدهم أن وعد الله حق في قيام الساعة وإعادة الخلق أحياء، لأن من أنامهم كالموتى هذه المدة الخارجة عن العادة ثم أيقظهم أحياء قادر على إحياء من أماته وأقبره.
الثاني : معناه ليرى أهل الكهف بعد علمهم أن وعد الله حق في إعادتهم. ﴿ إذ يتنازعون بينهم أمرهم ﴾ ذلك أنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها وطعام، استنكروا شخصه واستنكرت ورقه لبعد العهد فحمل إلى الملك وكان صالحاً قد آمن ومن معه، فلما نظر إليه قال : لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك فقد كنت أدعو الله أن يريناهم، وسأل الفتى فأخبره فانطلق والناس معه إليهم، فلما دنوا من أهل الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوهم ووصى بعضهم بعضاً بدينهم فلما دخلوا عليهم أماتهم الله ميتة الحق، فحينئذ كان التنازع الذي ذكره الله تعالى فيهم.
وفي تنازعهم قولان :
أحدهما : أنهم تنازعوا هل هم أحياء أم موتى؛
الثاني : أنهم تنازعوا بعد العلم بموتهم هل يبنون عليهم بنياناً يعرفون به أم يتخذون عليهم مسجداً.
وقيل : إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب، فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل فإنا من التراب خلقنا وإليه نعود فدعْنا.