قوله تعالى :﴿... ولن تجد من دونه مُلتحداً ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : ملجأ، قاله مجاهد، قال الشاعر :

لا تحفيا يا أخانا من مودّتنا فما لنا عنك في الأقوام مُلتحد
الثاني : مهرباً، قاله قطرب، قال الشاعر :
يا لهف نفسي ولهفٌ غير مغنيةٍ عني وما مِنْ قضاء الله ملتحدُ
الثالث : معدلاً، قاله الأخفش.
الرابع : ولياً، قاله قتادة. ومعانيها متقاربة.
قوله تعالى :﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يريدون تعظيمه. الثاني : يريدون طاعته. قال قتادة : نزلت هذه الآية على النبي ﷺ بالمدينة فلما نزلت عليه قال :« الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر معهم
»
. ﴿ يدعون ربهم بالغداة والعشي ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : يدعونه رغبة ورهبة.
الثاني : أنهم المحافظون على صلاة الجماعة، قاله الحسن.
الثالث : أنها الصلاة المكتوبة، قاله ابن عباس ومجاهد.
ويحتمل وجهاً رابعاً : أن يريد الدعاء في أول النهار وآخره ليستفتحوا يومهم بالدعاء رغبة في التوفيق، ويختموه بالدعاء طلباً للمغفرة.
﴿ يريدون وجهه ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : بدعائهم.
الثاني : بعمل نهارهم. وخص النهار بذلك دون الليل لأن عمل النهار إذا كان لله تعالى فعمل الليل أولى أن يكون له.
﴿ ولا تعد عيناك عنهم.. ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ولا تتجاوزهم بالنظر إلى غيرهم من أهل الدنيا طلباً لزينتها، حكاه اليزيدي. الثاني : ما حكاه ابن جريج أن عيينة بن حصن قال للنبي ﷺ قبل أن يسلم : لقد آذاني ريح سلمان الفارسي وأصحابه فاجعل لنا مجلساً منك لا يجامعونا فيه، واجعل لهم مجلساً لا نجامعهم فيه، فنزلت.
﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذِكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ﴾.
قوله ﴿ أغفلنا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : جعلناه غافلاً عن ذكرنا.
الثاني : وجدناه غافلاً عن ذكرنا.
وفي هذه الغفله لأصحاب الخواطر ثلاثة أوجه : أحدها : أنها إبطال الوقت بالبطالة، قاله سهل بن عبد الله.
الثاني : أنها طول الأمل.
الثالث : أنها ما يورث الغفلة.
﴿ واتبع هواه ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : في شهواته وأفعاله.
الثاني : في سؤاله وطلبه التمييز عن غيره.
﴿ وكان أمرُه فُرُطاً ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : ضيقاً، وهو قول مجاهد.
الثاني : متروكاً، قاله الفراء.
الثالث : ندماً قاله ابن قتيبة.
الرابع : سرفاً وإفراطاً، قاله مقاتل.
الخامس : سريعاً. قاله ابن بحر. يقال أفرط إذا أسرف وفرط إذا قصر.


الصفحة التالية
Icon