قوله تعالى :﴿ ويوم نُسَيِّر الجبال ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يسيرها من السير حتى تنتقل عن مكانها لما فيه من ظهور الآية وعظم الإعتبار.
الثاني : يسيرها أي يقللها حتى يصير كثيرها قليلاً يسيراً.
الثالث : بأن يجعلها هباء منثوراً.
﴿ وترى الأرض بارزة ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه بروز ما في بطنها من الأموات بخروجهم من قبورهم.
الثاني : أنها فضاء لا يسترها جبل ولا نبات.
﴿ وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً ﴾ فيه ثلاثة تأويلات.
أحدها : يعني فلم نخلف منهم أحداً، قاله ابن قتيبة، قال ومنه سمي الغدير لأنه ما تخلفه السيول.
الثاني : فلم نستخلف منهم أحداً، قاله الكلبي.
الثالث : معناه فلم نترك منهم أحداً، حكاه مقاتل.
قوله تعالى :﴿ وعُرِضوا على ربِّك صَفّاً ﴾ قيل إنهم يُعرضون صفاً بعد صف كالصفوف في الصلاة، وقيل إنهم يحشرون عراة حفاة غرلاً، فقالت عائشة رضي الله عنها فما يحتشمون يومئذ؟ فقال النبي ﷺ « ﴿ لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه ﴾ » [ عبس : ٣٧ ].
قوله تعالى :﴿ ووضع الكتابُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنها كتب الأعمال في أيدي العباد، قاله مقاتل.
الثاني : أنه وضع الحساب، قاله الكلبي، فعبر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على أعمالهم المكتوبة.
﴿ فترى المجرمين مشفقين مما فيه ﴾ لأنه أحصاه الله ونسوه.
﴿ ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يُغادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها ﴾
وفي الصغيرة تأويلان :
أحدهما : أنه الضحك، قاله ابن عباس.
الثاني : أنها صغائر الذنوب التي تغفر باجتناب كبائرها.
وأما الكبيرة ففيها قولان :
أحدهما : ما جاء النص بتحريمه.
الثاني : ما قرن بالوعيد والحَدِّ.
ويحتمل قولاً ثالثاً : أن الصغيرة الشهوة، والكبيرة العمل.
قال قتادة : اشتكى القوم الإحْصاء وما اشتكى أحد ظلماً، وإياكم المحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه.
﴿ ووجَدوا ما عَملوا حاضِراً ﴾ يحتمل تأويلين :
أحدهما : ووجدوا إحصاء ما عملوا حاضراً في الكتاب.
الثاني : ووجدوا جزاء ما عملوا عاجلاً في القيامة.
﴿ ولا يظلم ربك أحداً ﴾ يعني من طائع في نقصان ثوابه، أو عاص في زيادة عقابه.


الصفحة التالية
Icon