الثاني : أنها الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق.
﴿ فإني نسيت الحُوت ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فإني نسيت حمل الحوت.
الثاني : فإني نسيت أن أخبرك بأمر الحوت.
﴿ وما أنسانيه إلاّ الشيطان أن اذكُره ﴾ أي أنسانية بوسوسته إليّ وشغله لقلبي.
﴿ واتخذ سبيله في البحر عجباً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : انه كان لا يسلك طريقاً في البحر إلا صار ماؤه صخراً فلما رآه موسى عجب من مصير الماء صخراً.
الثاني : أن موسى لما أخبره يوشع بأمر الحوت رجع إلى مكانه فرأى أثر الحوت في البحر ودائرته التي يجري فيها فعجب من عود الحوت حياً.
﴿ قال ذلك ما كُنّا نبغِ ﴾ أي نطلب، وذلك أنه قيل لموسى إنك تلقى الخضر في موضع تنسى فيه متاعك، فعلم أن الخضر بموضع الحوت.
﴿ فارتدَّا على آثارهما قَصصاً ﴾ أي خرجا إلى آثارهما يقصان أثر الحوت ويتبعانه.
﴿ فَوَجداَ عبْداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : النبوة، قاله مقاتل :
الثاني : النعمة.
الثالث : الطاعة.
الرابع : طول الحياة.
﴿ وعلّمناه من لدُنا عِلْماً ﴾ قال ابن عباس لما اقتفى موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل راقد وقد سجي عليه ثوبه، فسلم عليه موسى، فكشف ثوبه عن وجهه وردّ عليه السلام وقال : من أنت؟ قال : موسى. قال صاحب بني إسرائيل؟ قال : نعم. قال : وما لك في بني إسرائيل شغل، قال : أمرت أن آتيك وأصحبك.
واختلفوا في الخضر هل كان مَلَكاً أو بشراً على قولين :
أحدهما : أنه كان ملكاً أمر الله تعالى موسى أن يأخذ عنه مما حمّله إياه من علم الباطن.
الثاني : أنه كان بشراً من الإنس.
واختلف من قال هذا على قولين :
أحدهما : كان نبياً لأن الإنسان لا يتعلم ولا يتبع إلا من هو فوقه؛ ولا يجوز أن يكون فوق النبي من ليس بنبي، قال مقاتل : هو ليسع لأنه وسع علمه ست سموات وست أرضين.
الثاني : أنه لم يكن نبياً وإنما كان عبداً صالحاً أودعه الله تعالى مِن علْم باطن الأمور ما لم يودع غيره، لأن النبي هو الداعي، والخضر كان مطلوباً ولم يكن داعياً طالباً، وقد ذكرأن سبب تسميته بالخضر لأنه كانه إذا صلى في مكان اخضرّ ما حوله.