قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ﴾ اختلف فيه هل كان نبياً؟ فذهب قوم إلى أنه نبي مبعوث فتح الله على يده الأرض وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن نبياً ولا ملكاً، ولكنه كان عبداً صالحاً أحب الله وأحبه الله، وناصح لله فناصحه الله، وضربوه على قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، ولم يكن له قرنان كقرني الثور.
واختلف في تسميته بذي القرنين على أربعة أقاويل :
أحدها : لقرنين في جانبي رأسه على ما حكى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الثاني : لأنه كانت له ضفيرتان فَسُمِّيَ بهما ذو القرنين، قاله الحسن.
الثالث : لأنه بلغ طرفي الأرض من المشرق والمغرب، فَسُمِّيَ لاستيلائه. على قرني الأرض ذو القرنين، قاله الزهري.
الرابع : لأنه رأى في منامه أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها، فقص رؤياه على قومه فَسُمِّيَ ذو القرنين، قال وهب بن منبه.
وحكى بن عباس أن ذا القرنين هو عبد الله بن الضحاك بن معد، وحكى محمد بن إسحاق أنه رجل من إهل مصر اسمه مرزبان بن مردبة اليوناني ولد يونان بن يافث بن نوح. وقال معاذ بن جبل : كان رومياً اسمه الاسكندروس. قال ابن هشام : هو الإِسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية.
قوله تعالى :﴿ إِنَّا مَكَنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : باستيلائه على ملكها.
الثاني : بقيامه بمصالحها.
﴿ وَأَتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من كل شيء علماً ينتسب به إلى إرادته، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني : ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : وجعلنا له من كل أرض وليها سلطاناً وهيبة.