قوله تعالى :﴿ فَأَتْبَعَ سَبَاً ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : منازل الأرض ومعالمها.
الثاني : يعني طرقاً بين المشرق والمغرب، قاله مجاهد، وقتادة.
الثالث : طريقاً إلى ما أريد منه.
الرابع : قفا الأثر، حكاه ابن الأنباري.
﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾ قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحفص ﴿ حَمِئَةٍ ﴾ وفيها وجهان :
أحدهما : عين ماء ذات حمأة، قاله مجاهد، وقتادة.
الثاني : يعني طينة سوداء، قاله كعب.
وقرأ بن الزبير، والحسن :﴿ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ﴾ وهي قراءة الباقين يعني حارة.
فصار قولاً ثالثاً : وليس بممتنع أن يكون ذلك صفة للعين أن تكون حمئة سوداء حامية، وقد نقل مأثوراً في شعر تُبَّع وقد وصف ذا القرنين بما يوافق هذا فقال :
قد كان ذو القرنين قبلي مسلماً.. | ملكاً تدين له الملوك وتسجد |
بلغ المشارق والمغارب يبتغي | أسباب أمرٍ من حكيم مرشد |
فرأى مغيب الشمس عند غروبها | في عين ذي خُلُبٍ وثاطٍ حرمد |
ثم فيها وجهان : أحدهما : أنها تغرب في نفس العين.
الثاني : أنه وجدها تغرب وراء العين حتى كأنها تغيب في نفس العين.
﴿ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه خيره في عقابهم أو العفو عنهم.
الثاني : إما أن تعذب بالقتل لمقامهم على الشرك وإما أن تتخذ فيهم حُسناً بأن تمسكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتستنقذهم من العَمَى، فحكى مقاتل أنه لم يؤمن منهم إلا رجل واحد.