قوله تعالى :﴿ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُواْ لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : لا تخونوا الله سبحانه والرسول عليه السلام كما صنع المنافقون في خيانتهم، قاله الحسن والسدي.
والثاني : لا تخونوا الله والرسول فيما جعله لعباده من أموالكم.
ويحتمل ثالثاً : أن خيانة الله بمعصية رسوله، وخيانة الرسول، بمعصية كلماته.
﴿ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : فيما أخذتموه من الغنيمة أن تحضروه إلى المغنم.
الثاني : فيما ائتمن الله العباد عليه من الفرائض والأحكام أن تؤدوها بحقها ولا تخونوها بتركها.
والثالث : أنه على العموم في كل أمانة أن تؤدى ولا تخان.
﴿ وَأَنتُم تَعْلَمُونَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : وأنتم تعلمون أنها أمانة من غير شبهة.
والثاني : وأنتم تعلمون ما في الخيانة من المأثم بخلاف من جهل.
قال الكلبي ومقاتل : نزلت هذه الآية في أبي لُبابَة بن عبد المنذر أرسله رسول الله ﷺ إلى بني قريظة لنزلوا على حكم سعد فاستشاروه وكان قد أحرز أولاده وأمواله عندهم فأشار عليهم أن لا يفعلوا وأومأ بيده إلى حلقة أنه الذبح فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله :
﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُم فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن ما عند الله تعالى من الأجر خير من الأموال والأولاد.
والثاني : أن ما عند الله تعالى من أجر الحسنة التي يجازي عليها بعشر أمثالها أكثر من عقوبة السيئة التي لا يجازي عليها إلا بمثلها.