قوله تعالى ﴿ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ ﴾ يعني يقووا حتى يقدروا على الظفر بكم. وفي الكلام محذوف وتقديره : كيف يكون لهم عهد وإن يظهروا عليكم.
﴿ لاَ يرْقُبُوْ فِيكُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لا يخافوا : قاله السدي.
الثاني : لا يراعوا.
﴿ إِلأَ وَلاَ ذِمَّةً ﴾ وفي الإلّ سبعة تأويلات.
أحدها : أنه العهد، وهوقول ابن زيد.
والثاني : أنه اسم الله تعالى، قاله مجاهد، ويكون معناه لا يرقبون الله فيكم.
والثالث : أنه الحلف، وهو قول قتادة.
والرابع : أن الإل اليمين، والذمة العهد، قاله أبو عبيدة، ومنه قول ابن مقبل :
أفسد الناس خلوف خلفوا | قطعوا الإلَّ وأعراق الرَّحِم |
والسادس : أنه القرابة، قاله ابن عباس والسدي، ومنه قول حسان :
وأُقسم إن إلَّك من قريش | كإل السّقْبِ من رَأل النعام |
﴿ وَلاَ ذِمَّةً ﴾ فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : الجوار، قاله ابن بحر.
الثاني : أنه التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين.
والثالث : أنه العهد وهو قول أبي عبيدة.
﴿ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : يرضونك بأفواههم في الوفاء وتأبى قلوبهم إلا الغدر.
والثاني : يرضونكم بأفواههم في الطاعة وتأبى قلوبهم إلا المعصية.
والثالث : يرضونكم بأفواهم في الوعد بالإيمان وتأبى قلوبهم إلا الشرك، لأن النبي ﷺ لا يرضيه من المشركين إلا بالإيمان.
﴿ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : في نقض العهد وإن كان جميعهم بالشرك فاسقاً.
والثاني : وأكثرهم فاسق في دينه وإن كان كل دينهم فسقاً.