قوله تعالى ﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّهِ ﴾ يعني المسجد الحرام. وفيه وجهان :
أحدهما : ما كان لهم أن يعمروها بالكفر لأن مساجد الله تعالى تعمر بالإيمان.
والثاني : ما كان لهم أن يعمروه بالزيارة له والدخول إليه.
﴿ شَاهِدِينَ عَلَى أنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أن فيما يقولونه أو يفعلونه دليل على كفرهم كما يدل عليه إقرارهم، فكأن ذلك منهم هو شهادتهم على أنفسهم، قاله الحسن.
والثاني : يعني شاهدين على رسول الله ﷺ بالكفر لأنهم كذبوه وأكفروه وهو من أنفسهم، قاله الكلبي.
والثالث : أن النصراني إذا سئل ما أنت؟ قال : نصراني، واليهودي إذا سئل قال : يهودي، وعابد الوثن يقول : مشرك، وكان هؤلاء كفار وإن لم يقروا بالكفر، قاله السدي.
ثم قال تعالى ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ ﴾ في هذه المساجد قولان :
أحدهما : أنها مواضع السجود من المصلى، فعلى هذا عمارتها تحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : بالمحافظة على إقامة الصلاة.
والثاني : بترك الرياء.
والثالث : بالخشوع والإعراض عما ينهى.
والقول الثاني : أنها بيوت الله تعالى المتخذة لإقامة الصلوات، فعلى هذا عمارتها تحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : إنما يعمرها بالإيمان من آمن بالله تعالى.
والثاني : إنما يعمرها بالزيارة لها والصلاة فيها من آمن بالله تعالى.
والثالث : إنما يرغب في عمارة بنائها من آمن بالله تعالى.
﴿ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَأَقَامَ الْصَّلاَةَ وَءَاتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِن الْمُهْتَدِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه قال ذلك لهم تحذيراً من فعل ما يخالف هدايتهم.
والثاني : أن كل ﴿ عَسَى ﴾ من الله واجبة وإن كانت من غيره ترجياً، قاله ابن عباس والسدي.


الصفحة التالية
Icon