قوله تعالى :﴿ ذلِكَ وَمَن يَعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ فيه قولان : أحدهما : أنه فعل ما أمر به من مناسكه، قاله الكلبي.
والثاني : أنه اجتناب ما نهى عنه في إحرامه. ويحتمل عندي قولاً ثالثاً : أن يكون تعظيم حرماته أن يفعل الطاعة ويأمر بها، وينتهي عن المعصية وينهى عنها.
﴿ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ فيه قولان
: أحدهما : إلا ما يتلى عليكم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذُبحَ على النصب.
والثاني : إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم.
﴿ فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أي اجتنبواْ من الأوثان الرجس، ورجس الأوثان عبادتها، فصار معناه : فاجتنبوا عبادة الأوثان.
الثاني : معناه : فاجتنبواْ الأوثان فإنها من الرجس.
﴿ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ ﴾ فيه أربعة أقاويل
: أحدها : الشرك، وهوقول يحيى بن سلام.
والثاني : الكذب، وهو قول مجاهد.
والثالث : شهادة الزور. روى أيمن بن محمد أن النبي ﷺ قام خطيباً فقال :« أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَرَّتِينَ » ثم قرأ :﴿ فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ ﴾.
والرابع : أنها عبادة المشركين، حكاه النقاش.
ويحتمل عندي قولاً خامساً : أنه النفاق لأنه إسلام في الظاهر زور في الباطن.
قوله تعالى :﴿ حُنَفَآءَ لِلَّهِ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : يعني مسلمين لله، وهو قول الضحاك، قال ذو الرمة :

إذا حول الظل العشي رأيته حنيفاً وفي قرن الضحى يتنصر
والثاني : مخلصين لله، وهو قول يحيى بن سلام.
والثالث : مستقيمين لله، وهو قول عليّ بن عيسى.
والرابع : حجاجاً إلى الله، وهو قول قطرب.
﴿ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : غير مرائين بعبادته أحداً من خلقه.
والثاني : غير مشركين في تلبية الحج به أحداً لأنهم كانواْ يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، قاله الكلبي.


الصفحة التالية
Icon