قوله :﴿ وَلَقَدْ خَلَقنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ فيه قولان
: أحدهما : آدم استل من طين، وهذا قول قتادة، وقيل : لانه اسْتُلَ من قِبَل ربه.
والثاني : أن المعني به كل إنسان، لأنه يرجع إلى آدم الذي خلق من سلالة من طين، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقيل : لأنه استل من نطفة أبيه، والسلالة من كل شيء صفوته التي تستل منه، قال الشاعر :
وما هند إلا مهرة عربية | سليلة أفراسٍ تجلّلها بغل |
طوت أحشاء مرتجةٍ لوقت | على مشج سلالته مهينُ |
خلق البرية من سلالة منتن | وإلى السلالة كلها ستعود |
وأنهما لحرّابا حروب | وشرّابان بالنطف الظوامي |
﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ﴾ العلقة الدم الطري الذي خلق من النطفة سُمّيَ علقة لأنه أول أحوال العلوق.
﴿ فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ﴾ وهي قدر ما يمضغ من اللحم
. ﴿ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمَاً ﴾ وإنما بين الله أن الإِنسان تنتقل أحوال خلقه ليعلم نعمته عليه وحكمته فيه، وإن بعثه بعد الموت حياً أهون من إنشائه ولم يكن شيئاً.
﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ﴾ فيه أربعة أوجه
: أحدها : يعني بنفخ الروح فيه، وهذا قول ابن عباس والكلبي.
والثاني : بنبات الشعر، وهذا قول قتادة.
والثالث : أنه ذكر و أنثى، وهذا قول الحسن.
والرابع : حين استوى به شبابه، وهذا قول مجاهد.
ويحتمل وجهاً خامساً : أنه بالعقل والتمييز.
روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه لما نزلت هذه الآية إلى قوله :﴿ ثَمَّ أَنشَأنَاهُ خَلْقَاً آخَرَ ﴾. قال عمر بن الخطاب : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت :﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾.