قوله :﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ في الحق هنا قولان
: أحدهما : أنه الله، قاله الأكثرون.
الثاني : أنه التنزيل أي لو نزل بما يريدون لفسدت السموات والأرض.
وفي اتباع أهوائهم قولان :
أحدهما : لو اتبع أهواءهم فيما يشتهونه.
الثاني : فيما يعبدونه.
﴿ لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَالأَرْضُ ﴾ يحتمل وجهين
: أحدهما : لفسد تدبير السموات والأرض، لأنها مدبرة بالحق لا بالهوى.
الثاني : لفسدت أحوال السموات والأرض لأنها جارية بالحكمة لا على الهوى.
﴿ وَمَن فِيهِنَّ ﴾ أي ولفسد من فيهن، وذلك إشارة إلى من يعقل من ملائكة السموات وإنس الأرض، وقال الكلبي : يعني ما بينهم من خلق، وفي قراءة ابن مسعود لفسدت السموات والأرض وما بينهما، فتكون على تأويل الكلبي، وقراءة ابن مسعود، محمولاً على فساد ما لا يعقل من حيوان وجماد، وعلى ظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محمولاً على فساد ما يعقل وما لا يعقل من الحيوان، لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد. فعلى هذا يكون من الفساد ما يعود على من في السموات من الملائكة بأن جعلت أرباباً وهي مربوبة، وعبدت وهي مستعبدة.
وفساد الإِنس يكون على وجهين :
أحدهما : باتباع الهوى. وذلك مهلك.
الثاني : بعبادة غير الله. وذلك كفر.
وأما فساد الجن فيكون بأن يطاعوا فيطغوا.
وأما فساد ما عدا ذلك فيكون على وجه التبع بأنهم مدبرون بذوي العقول.
فعاد فساد المدبرين عليهم.
﴿ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : عنى ببيان الحق لهم، قاله ابن عباس.
الثاني : بشرفهم لأن الرسول ﷺ منهم. والقرآن بلسانهم، قاله السدي، وسفيان.
ويحتمل ثالثاً : بذكر ما عليهم من طاعة ولهم من جزاء.
﴿ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعِرِضُونَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : فهم عن القرآن معرضون، قاله قتادة.
الثاني : عن شرفهم معرضون، قاله السدي.
قوله :﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً ﴾ يعني أمراً.
﴿ فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : فرزق ربك في الدنيا خير منهم، قاله الكلبي.
الثاني : فأجر ربك في الآخرة خيرٌ منه، قاله الحسن.
وذكر أبو عمرو بن العلاء الفرق بين الخرج والخراج فقال : الخرج من الرقاب : والخراج من الأرض.
قوله :﴿ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : لعادلون، قاله ابن عباس.
الثاني : لحائدون، قاله قتادة.
الثالث : لتاركون، قاله الحسن.
الرابع : لمعرضون، قاله الكلبي، ومعانيها متقاربة.