قوله :﴿ فِي بُيُوتٍ ﴾ في هذه البيوت قولان
: أحدهما : أنها المساجد، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد.
الثاني : أنها سائر البيوت، قاله عكرمة.
﴿ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ ﴾ أربعة أوجه
: أحدها : أن تُبْنَى، قاله مجاهد كقوله :﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ﴾ أي يبني.
الثاني : أنها تطهر من الأنجاس والمعاصي، حكاه ابن عيسى.
الثالث : أن تعظم، قاله الحسن.
الرابع : أن ترفع فيها الحوائج إلى الله.
﴿ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾ فيها ثلاثة أقاويل
: أحدها : يتلى فيها كتابه، قاله ابن عباس.
الثاني : تذكر فيها أسماؤه الحسنى، قاله ابن جرير.
الثالث : توحيده بأن لا إله غيره، قاله الكلبي.
وفيما يعود إليه ذكر البيوت التي أذن الله أن ترفع قولان :
أحدهما : إلى ما تقدم من قوله : كمشكاة فيها مصباح في بيوت أذن الله.
الثاني : إلى ما بعده من قوله :﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا ﴾ وفي هذا التسبيح قولان :
أحدهما : أنه تنزيه الله.
الثاني : أنه الصلاة، قاله ابن عباس والضحاك.
﴿ بالْغَدُوِّ وَالآصَالِ ﴾ الغدو جمع غَدوة والآصال جمع أصيل وهي العشاء
. ﴿ رِجالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ قال الكلبي : التجار هم الجلاب المسافرون، والباعة هم المقيمون.
﴿ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : عن ذكره بأسمائه الحسنى.
الثاني : عن الأذان، قاله يحيى بن سلام. ﴿ تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبِ وَالأبْصَارُ ﴾ فيه خمسة أوجه
: أحدها : يعني تقلبها على حجر جهنم.
الثاني : تقلب أحوالها بأن تلفحها النار ثم تنضجها وتحرقها.
الثالث : أن تقلب القلوب وجيبها، وتقلب الأبصار النظر بها إلى نواحي الأهوال.
الرابع : أن تقلب القلوب بلوغها الحناجر، وتقلب الأبصار الزّرَق بعد الكحل، والعمى بعد البصر.
الخامس : أن الكافر بعد البعث ينقلب قلبه على الكفر إلى الإيمان وينقلب بصره عما كان يراه غياً فيراه رشداً.
﴿ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ ﴾ فذكر الجزاء على الحسنات ولم يذكر الجزاء على السيئات وإن كان يجازى عليها لأمرين :
أحدهما : أنه ترغيب فاقتصر على ذكر الرغبة.
الثاني : أنه يكون في صفة قوم لا تكون منهم الكبائر فكانت صغائرهم مغفورة.
﴿ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ﴾ يحتمل وجهين
: أحدهما : ما يضاعفه من الحسنة بعشر أمثالها.
الثاني : ما يتفضل به من غير جزاء.
﴿ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ فيه أربعة أوجه
: أحدها : بغير جزاء بل يسديه تفضلاً.
الثاني : غير مقدر بالكفاية حتى يزيد عليها.
الثالث : غير قليل ولا مضيق.
الرابع : غير ممنون به.
وقيل لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله ﷺ ببناء مسجد قباء فحضر عبد الله بن رواحة فقال : يا رسول الله قد أفلح من بنى المساجدا؟ قال :« نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ » قال، وصلى فيها قائماً وقاعداً قال :« نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةِ » قال : ولم يبت لله إلا ساجداً؟ قال :« نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ. كُفّ عَنِ السَّجْعِ فَمَا أُعْطِيَ عَبْدٌ شَيئاً شَرّاً مِن طَلاَقَةِ لِسَانِهِ
».