قوله :﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ ﴾ والقواعد جمع قاعدة وهن اللاتي قعدن بالكبر عن الحيض والحمل ولا يحضن ولا يلدن. قال ابن قتيبة : بل سمين بذلك لأنهن بعد الكبر يكثر منهن القعود. وقال زمعة : لا تراد، فتقعد عن الاستمتاع بها والأول أشبه. قال الشاعر :
فلو أن ما في بطنه بين نسوة | حبلن ولو كان القواعد عقراً |
﴿ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جَنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾ فيه قولان
: أحدهما : جلبابها وهو الرداء الذي فوق خمارها فتضعه عنها إذا سترها باقي ثيابها قاله ابن مسعود وابن جبير.
الثاني : خمارها ورداؤها، قاله جابر بن زيد.
﴿ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ ﴾ والتبرج أن تظهر من زينتها ما يستدعي النظر إليها فإنه في القواعد وغيرهن محظور. وإنما خص القواعد بوضع الجلباب لانصراف النفوس عنهن ما لم يبد شيء من عوراتهن. والشابات المشتهيات يمنعن من وضع الجلباب أو الخمار ويؤمرن بلبس أكثف الجلابيب لئلا تصفهن ثيابهن. وقد روى مجاهد عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« لِلزَّوْجِ مَا تَحْتَ الدِّرْعِ، وَلِلإِبْنِ وَالأَخِ مَا فَوقَ الدِّرْعِ، وَلِغَيْرِ ذِي مُحْرِمٍ أَرْبَعَةُ أَثْوَابٍ : دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَجِلْبَابٍ وَإِزَارٍ
». ﴿ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ﴾ يعني إن يستعفف القواعد عن وضع ثيابهن ويلزمن لبس جلابيبهن خير لهن من وضعها وإن سقط الحرج عنهن فيه.