قوله تعالى :﴿ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً ﴾ الآية. فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه نهي من الله عن التعرض لدعاء رسول الله ﷺ بإسخاطه لأن دعاءه يوجب العقوبة وليس كدعاء غيره، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه نهي من الله عن دعاء رسول الله بالغلظة والجفاء وَلْيَدْعُ بالخضوع والتذلل : يا رسول الله، يا نبي الله، قاله مجاهد، وقتادة.
الثالث : أنه نهي من الله عن الإِبطاء عند أمره والتأخر عند استدعائه لهم إلى الجهاد ولا يتأخرون كما يتأخر بعضهم عن إجابة بعض، حكاه ابن عيسى.
﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً ﴾ فيه قولان
: أحدهما : أنهم المنافقون كانوا يتسلّلُون عن صلاة الجمعة لواذاً أي يلوذ بعضهم ببعض ينضم إليه استتاراً من رسول الله ﷺ لأنه لم يكن على المنافقين أثقل من يوم الجمعة وحضور الخطبة فنزل ذلك فيهم، حكاه النقاش.
الثاني : أنهم كانوا يتسللون في الجهاد رجوعاً عنه يلوذ بعضهم ببعض لواذاً فنزل ذلك فيهم، قاله مجاهد.
وقال الحسن معنى قوله :﴿ لِوَاذاً ﴾ أي فراراً من الجهاد، ومنه قول حسان ابن ثابت :

وقريش تجول منكم لواذاً لم تحافظ وخفّ منها الحلوم
﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾ فيه قولان
: أحدهما : يخالفون عن أمر الله، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : عن أمر رسول الله ﷺ، قاله قتادة.
ومعنى قوله :﴿ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾ أي يعرضون عن أمره، وقال الأخفش :﴿ عَنْ ﴾ في هذا الموضع زائدة ومعنى الكلام فليحذر الذين يخالفون أمره، وسواء كان ما أمرهم به من أمور الدين أو الدنيا.
﴿ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ فيها ثلاثة تأويلات
: أحدها : كفر، قاله السدي.
الثاني : عقوبة، قاله ابن كامل.
الثالث : بلية تُظْهِرُ ما في قلوبهم من النفاق، حكاه ابن عيسى.
﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ فيه قولان
: أحدهما : القتل في الدنيا، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : عذاب بجهنم في الآخرة.


الصفحة التالية
Icon