قوله تعالى :﴿ وَبَرَّاً بِوَالِدَتِي ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : بما برأها به من الفاحشة.
الثاني : بما تكفل لها من الخدمة.
﴿ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن الجبار الجاهل بأحكامه، الشقي المتكبر عن عبادته.
الثاني : أن الجبار الذي لا ينصح، والشقي الذي لا يقبل النصيحة.
ويحتمل ثالثاً : أن الجبار الظالم للعباد، والشقي الراغب في الدنيا.
قوله تعالى :﴿ وَالْسَّلاَمُ عَلَيَّ... ﴾ الآية. فيه وجهان :
أحدهما : يعني بالاسلام السلامة، يعني في الدنيا، ﴿ وَيَوْمَ أَمُوتُ ﴾ يعني في القبر، ﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيَّاً ﴾ يعني في الآخرة، لأن له أحوالاً ثلاثاً : في الدنيا حياً، وفي القبر ميتاً، وفي الآخرة مبعوثاً، فسلم في أحواله كلها، وهو معنى قول الكلبي.
الثاني : يعني بالسلام ﴿ يَوْمَ وُلِدتُّ ﴾ سلامته من همزة الشيطان فإنه ليس مولود يولد إلا همزه الشيطان وذلك حين يستهل، غير عيسى فإن الله عصمه منها. وهو معنى قوله تعالى :﴿ وَإِنِّي أُعِذُهَا وَذُرّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ ﴿ وَيَوْْمَ أَمُوتُ ﴾ يعني سلامته من ضغطة القبر لأنه غير مدفون في الأرض ﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ﴾ لم أر فيه على هذا الوجه ما يُرضي.
ويحتمل أن تأويله على هذه الطريقة سلامته من العرض والحساب لأن الله ما رفعه إلى السماء إلا بعد خلاصه من الذنوب والمعاصي.
قال ابن عباس ثم انقطع كلامه حتى بلغ مبلغ الغلمان.