قوله تعالى :﴿ وَأَلْقِ عَصَاكَ ﴾ قال وهب : ظن موسى أن الله أمره برفضها فرفضها.
﴿ فَلَمَا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أن الجان الحية الصغيرة، سميت بذلك لاجتنانها واستتارها.
والثاني : أنه أراد بالجان الشيطان من الجن، لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشيطان، كما قال تعالى :﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ [ الصافات : ٦٥ ]. وقد كان انقلاب العصا إلى أعظم الحيات لا إلى أصغرها، كما قال تعالى :﴿ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾ [ الأعراف : ١٠٧ ] و [ الشعراء : ٣٣ ].
قال عبد الله بن عباس : وكانت العصا قد أعطاه إياها ملك من الملائكة حين توجه إلى مَدْيَن وكان اسمها : ما شاء، قال ابن جبير : وكانت من عوسج.
﴿ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ... ﴾ فيه ثلاثة أوجه
: أحدها : ولم يرجع، قاله مجاهد، قال قطرب : مأخوذ من العقب.
الثاني : ولم ينتظر، قاله السدي.
الثالث : ولم يلتفت، قاله قتادة.
ويحتمل رابعاً : أن يكون معناه أنه بقي ولم يمش، لأنه في المشيء معقب لابتدائه بوضع عقبة قبل قدمه.
قوله تعالى :﴿ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ قيل إنه أراد في الموضع الذي يوحى فيه إليهم، ولا فالمرسلون من الله أخوف.
﴿ إلاَّ مَن ظَلَمَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أنه أراد من غير المسلمين لأن الأنبياء لا يكون منهم الظلم، ويكون منهم هذا الاستثناء المنقطع.
الوجه الثاني : أن الاستثناء يرجع إلى المرسلين.
وفيه على هذا وجهان :
أحدهما : فيما كان منهم قبل النبوة كالذي كان من موسى في قتل القبطي، فأما بعد النبوة فهم معصومون من الكبائر والصغائر جميعاً.
الوجه الثاني : بعد النبوة فإنه معصومون فيها مع وجود الصغائر منهم، غير أن الله لطف بهم في توفيقهم للتوبة منها، وهو معنى قوله تعالى :
﴿ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ ﴾ يعني توبة بعد سيئة
. ﴿ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي غفور لذنبهم، رحيم بقبول توبتهم