قوله :﴿ قَالَ نَكَرُواْ لَهَا عَرْشَهَا ﴾ أي غيروه وفي تغييره خمسة أوجه
: أحدها : أنه نزع ما عليه من فصوصه، ومرافقه وجواهره، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه غيّر ما كان أحمر فجعله أخضر وما كان أخضر جعله أحمر، قاله مجاهد.
الثالث : غيّر بأن زيد فيه ونقص منه، قاله عكرمة.
الرابع : حوّل أعلاه أسفله ومقدمه مؤخره، قاله شيبان بن عبد الرحمن.
الخامس : غيّره بأن جعل فيه تمثال السمك، قاله أبو صالح.
﴿ نَنْظُرُ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أتهتدي إلى الحق بعقلها أم تكون من الذين لا يعقلون، وهذا معنى قول ابن رومان.
الثاني : إلى معرفة العرش بفطنتها أم تكون من الذين لا يعرفون، وهذا معنى قول ابن جبير، ومجاهد.
﴿ فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾ فلم تثبته ولم تنكره واختلف في سبب قولها ذلك، على ثلاثة أقاويل :
أحدها : لأنها خلفته وراءها فوجدته أمامها فكان معرفتها له تمنع من إنكاره وتركها له وراءها يمنع إثباته، وهذا معنى قول قتادة.
الثاني : لأنها وجدت فيه ما تعرفه فلذلك لم تنكره ووجدت فيه ما بُدِّل وغير فلذلك لم تثبته، قاله السدي.
الثالث : شبهوا عليها حين قالوا : أهكذا عرشك؟ فشبهت عليهم فقالت : كأنه هو ولو قالوا لها : هذا عرشك لقالت : نعم، قاله مقاتل.
﴿ وَأُوَتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا ﴾ وهذا قول من سليمان وقيل هو من كلام قومه، وفي تأويله ثلاثة أقاويل :
أحدها : معرفة الله وتوحيده، قاله زهير.
الثاني : النبوة، قاله يحيى بن سلام.
الثالث : أي علمنا أن العرش عرشها قبل أن نسألها، قاله ابن شجرة.
﴿ وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : طائعين لله بالاستسلام له.
الثاني : مخلصين لله بالتوحيد.
قوله تعالى ﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : وصدها عبادة الشمس أن تعبد الله.
الثاني : وصدّها كفرها بقضاء الله أن تهتدي للحق.
الثالث : وصدّها سليمان عما كانت تعبد في كفرها.
الرابع : وصدها الله تعالى إليه بتوفيقها بالإيمان عن الكفر.
قوله :﴿ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها بركة بنيت قوارير، قاله مجاهد.
الثاني : أنها صحن الدار، حكاه ابن عيسى يقال صرحة الدار وساحة الدار وباحة الدار وقاعة الدار كله بمعنى واحد. قال زهير مأخوذ من التصريح ومنه صرح بالأمر إذا أظهره.
الثالث : أنه القصر قاله ابن شجرة، واستشهد بقول الهذلي.

على طرق كنحو الظباء تحسب أعلامهن الصروحا
﴿ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً ﴾ أي ماء لأن سليمان أمر الجن أن يبنوه من قوارير في ماء فبنوه وجعلوا حوله أمثال السمك فأمرها بالدخول لأنها وصفت له فأحب أن يراها.
قال مجاهد : وكانت هلباء الشعر والهلباء الطويلة الشعر، قدمها كحافر الحمار وكانت أمها جنيه. قال الحسن : وخافت الجن أن يتزوجها سليمان فيطلع منها على أشياء كانت الجن تخفيها عنه. وهذا القول بأن أمها جنية مستنكر في العقول لتباين الجنسين واختلاف الطبعين وتفاوت الجسمين، لأن الآدمي جسماني، والجني روحاني، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار وخلق الجني من مارج من نار، ويمتنع الامتزاج من هذا التباين ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف، لكنه قيل فذكرته حاكياً.


الصفحة التالية
Icon