قوله :﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ الرهط الجمع لا واحد له يعني من ثمود قوم صالح وهم عاقرو الناقة، وذكر ابن عباس أساميهم فقال : هم زعجي وزعيم وهرمي ودار وصواب ورباب ومسطح وقدار، وكانواْ بأرض الحجر وهي أرض الشام، وكانوا فساقاً من أشراف قومهم.
﴿ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ ﴾ فيه خمسة أوجه
: أحدها : يفسدون بالكفر ولا يصلحون بالإيمان.
الثاني : يفسدون بالمنكر ولا يصلحون بالمعروف.
الثالث : يفسدون بالمعاصي ولا يصلحون بالطاعة.
الرابع : يفسدون بكسر الدراهم والدنانير ولا يصلحون بتركها صحاحاً، قاله ابن المسيب، قاله عطاء.
الخامس : أنهم كانوا يتتبعون عورات النساء ولا يسترون عليهن.
قوله :﴿ قَالُواْ تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ﴾ أي تحالفواْ بالله.
﴿ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ﴾ أي لنقتلنه وأهله ليلاً، والبيات قتل الليل
. ﴿ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ﴾ أي لرهط صالح
. ﴿ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ ﴾ أي قتله، وقتل أهله، ولا علمنا ذلك
. ﴿ وَإِنَّا لَصّادِقُونَ ﴾ في إنكارنا لقتله
. ﴿ وَمَكَرُواْ مَكْراً ﴾ وهو ما همّوا به من قتل صالح
. ﴿ وَمَكَرْنَا مَكْراً ﴾ وهو أن رماهم الله بصخرة فأهلكهم
. ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ أي لا يعلمون بمكرنا وقد علمنا بمكرهم
. وفي مكرهم ومكر الله تعالى بهم قولان :
أحدهما : قاله الكلبي، وهم لا يشعرون بالملائكة الذين أنزل الله على صالح ليحفظوه من قومه حين دخلوا عليه ليقتلوه، فرموا كل رجل منهم بحجر حتى قتلوهم جميعاً، وسَلِمَ صالح من مكرهم.
الثاني : قاله الضحاك، أنهم مكروا بأن أظهروا سفراً وخرجوا فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوهُ، فألقى الله صخرة على باب الغار حتى سدّه وكان هذا مكر الله بهم.