قوله ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مَوسَى فَارِغاً ﴾ فيه ستة أوجه
: أحدها : فارغاً من كل شيء إلا من ذكر موسى، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني : فارغاً من وحينا بنسيانه، قاله الحسن وابن زيد.
الثالث : فارغاً من الحزن لعلمها أنه لم يغرق، قاله الأخفش.
الرابع : معنى فارغاً أي نافراً، قاله العلاء بن زيد.
الخامس : ناسياً، قاله اليزيدي.
السادس : معناه والهاً، رواه ابن جبير.
وقرأ فضالة بن عبيد الأنصاري وهو صحابي :﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَزِعاً ﴾ من الفزع وفي قوله ﴿ وَأَصْبَحَ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنها ألقته ليلاً فأصبح فؤادها فارغاً في النهار.
الثاني : أنها ألقته نهاراً ومعنى أصبح أي صار، قال الشاعر :

مضى الخلفاء بالأمر الرشيد وأصبحت المدينة للوليد
﴿ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل
: أحدها : أن تصيح عند إلقائه وا إبناه، قاله ابن عباس.
الثاني : أن تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته هو ابني، قاله السدي لأنه ضاق صدرها لما قيل هو ابن فرعون.
الثالث : أن تبدي بالوحي، حكاه ابن عيسى.
﴿ لَوْلاَ أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ﴾ فيه قولان
: أحدهما : بالإيمان، قاله قتادة.
الثاني : بالعصمة، قاله السدي.
﴿ لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ قال السدي : قد كانت من المؤمنين ولكن لتكون من المصدقين بأنا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين.
قوله تعالى :﴿ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾ أي استعلمي خبره وتتبّعي أثره.
قال الضحاك، واسم أخته كلثمة.
﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ ﴾ وفيه ثلاثة أقاويل
: أحدها : عن جانب، قاله ابن عباس.
الثاني : عن بعد، قاله مجاهد ومنه الأجنبي قال علقمة بن عبدة :
فلا تحرمنّي نائلاً عن جنابةٍ فإني امرؤ وسط القباب غريب
الثاني : عن شوق، حكاه أبوعمرو بن العلاء وذكر أنها لغة جذام يقولون جنبت إليك [ أي اشتقت ].
﴿ َوَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه.
قوله :﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ ﴾ قال ابن عباس : لا يؤتى بمرضعة فيقبلها وهذا تحريم منع لا تحريم شرع كما قال امرؤ القيس :
جالت لتصرعني فقلت لها اقصِري إني امرؤ صرعي عليك حرام
أي ممتنع
: ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبل مجيء أخته وفي قوله :﴿ مِن قَبْلُ ﴾ وجهان
: أحدهما : ما ذكرناه.
الثاني : من قبل ردّه إلى أمه.
﴿ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾ الآية. وهذا قول أخته لهم حين رأته لا يقبل المراضع فقالوا لها عند قولها لهم :
﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ وما يُدْريك؟ لعلك تعرفين أهله، فقالت : لا ولكنهم يحرصون على مسرة الملك ويرغبون في ظئره.
قوله تعالى :﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمَّهِ ﴾ قال ابن عباس انطلقت أخته إلى أمه فأخبرتها فجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصَّه حتى امتلأ جنباه رياً وانطلق بالبشرى إلى امرأة فرعون قد وجدنا لابنك ظئراً، قال أبو عمران الجوني : وكان فرعون يعطي أم موسى في كل يوم ديناراً.
وروي أنه قال لأم موسى حين ارتضع منها : كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك؟ فقالت : لأني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني. فكان من لطف الله بموسى أن جعل إلقاء موسى في البحر وهو الهلاك سبباً لنجاته وسخر فرعون لتربيته وهو يقتل الخلق من بني إسرائيل لأجله وهو في بيته وتحت كنفه.
﴿ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ في قوله :﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكَ ﴾ الآية
. ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾ يعني من قوم فرعون
. ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : لا يعلمون ما يراد بهم، قاله الضحاك.
الثاني : لا يعملون مثل علمها.


الصفحة التالية
Icon