قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ ءَآتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : يعني الذين آتيناهم التوراة والإنجيل من قبل القرآن هم بالقرآن يؤمنون، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : الذي آتيناهم التوراة والإنجيل من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون، قاله ابن شجرة.
وفيمن نزلت قولان :
أحدهما : نزلت في عبد الله بن سلام وتميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي أسلموا فنزلت فيهم هذه الآية والتي بعدها، قاله قتادة.
الثاني : أنها نزلت في أربعين رجلاً من أهل الإنجيل كانوا مسلمين بالنبي ﷺ قبل مبعثه، اثنان وثلاثون رجلاً من الحبشة أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب وقت قدومه وثمانية قدموا من الشام. منهم بحيراً وأبرهة والأشراف وعامر وأيمن وإدريس ونافع فأنزل الله فيهم هذه الآية، والتي بعدها إلى قوله ﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْتُوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ قال قتادة :[ بإيمانهم ] بالكتاب الأول وإيمانهم بالكتاب الآخر.
وفي قوله بما صبروا ثلاثة أوجه :
أحدها : بما صبروا على الإيمان، قاله ابن شجرة.
الثاني : على الأذى، قاله مجاهد.
الثالث : على طاعة الله وصبروا عن معصية الله، قاله قتادة.
﴿... وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾ فيه خمسة أوجه
: أحدها : يدفعون بالعمل الصالح ما تقدم من ذنب، قاله ابن شجرة.
الثاني : يدفعون بالحلم جهل الجاهل، وهذا معنى قول يحيى بن سلام.
الثالث : يدفعون بالسلام قبح اللقاء، وهذا معنى قول النقاش.
الرابع : يدفعون بالمعروف المنكر، قاله ابن جبير.
الخامس : يدفعون بالخير الشر، قاله ابن زيد.
ويحتمل سادساً : يدفعون بالتوبة ما تقدم من المعصية.
﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُفِقُونَ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات
: أحدها : يؤتون الزكاة احتساباً، قاله ابن عباس.
الثاني : نفقة الرجل على أهله وهذا قبل نزول الزكاة، قاله السدي.
الثالث : يتصدقون من أكسابهم، قاله قتادة.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنهم قوم من اليهود أسلموا فكان اليهود يتلقونهم بالشتم والسب فيعرضون عنهم، قاله مجاهد.
الثاني : أنهم قوم من اليهود أسلموا فكانوا إذا سمعوا ما غَيّره اليهود من التوراة وبدلوه من نعت محمد ﷺ وصفته أعرضوا عنه وكرهوا تبديله، قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
الثالث : أنهم المؤمنون إذا سمعوا الشرك أعرضوا عنه، قاله الضحاك ومكحول.
الرابع : أنهم أناس من أهل الكتاب لم يكونوا يهوداً ولا نصارى وكانوا على دين أنبياء الله وكانوا ينتظرون بعثة رسول الله ﷺ فلما سمعوا بظهوره بمكة قصدوه، فعرض عليهم القرآن وأسلمواْ.
وكان أبو جهل ومن معه من كفار قريش يلقونهم فيقولون لهم : أفٍّ لكم من قوم منظور إليكم تبعتم غلاماً قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم فإذا ذلك لهم أعرضوا عنهم، قاله الكلبي.
﴿ قَالُواْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : لنا ديننا ولكم دينكم، حكاه النقاش.
الثاني : لنا حلمنا ولكم سفهكم.
﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ رَدّوا خيراً واستكفوا شراً، وفيه تأويلان
: أحدهما : لا نجازي الجاهلين، قاله قتادة.
الثاني : لا نتبع الجاهلين، قاله مقاتل.


الصفحة التالية
Icon