الثاني : أن ظهور فارس على الروم كان قبل الهجرة بسنتين، وظهور المسلمين على قريش كان في عام بدر بعد الهجرة بسنتين، ولعله قول عكرمة.
الثالث : عام الحديبية ظهرت الروم على فارس وكان ظهور المسملين على المشركين في الفتح بعد مدة الحديبية، قاله عبيد الله بن عبد الله.
فأما قوله تعالى :﴿ فِي أَدْنَى الأَرْضِ ﴾ ففيه قولان :
أحدهما : في أدنى أرض فارس؛ حكاه النقاش.
الثاني : في أدنى أرض الروم، وهو قول الجمهور وفي أدنى أرض الروم أربعة أقاويل :
أحدها : أطراف الشام، قاله ابن عباس.
الثاني : الجزيرة وهي أقرب أرض الروم إلى فارس، قاله مجاهد.
الثالث : الأردن وفلسطين، قاله السدي.
الرابع : أذرعات الشام وكانت بها الوقعة، قاله يحيى بن سلام.
وقرأ أبو عمرو وحده :﴿ غَلَبَتِ ﴾ بالفتح أي ظهرت فقيل له علام غلبت؟ فقال : في أدنى ريف الشام.
قوله تعالى :﴿ فِي بِضْعِ سِنِينَ ﴾ وهو ما بين الثلاث إلى العشر وهذا نص عن الرسول ﷺ. وقال بعض أهل اللغة هو ما بين العقدين من الواحد إلى العشرة فيكون من الثاني إلى التاسع.
وأما النيف ففيه قولان :
أحدهما : ما بين الواحد والتسعة، قاله ابن زيد.
الثاني : ما بين الواحد والثلاثة، وهو قول الجمهور.
﴿ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : من قبل أن تغلب الروم ومن بعد ما غلبت.
الثاني : من قبل غلبة دولة فارس على الروم ومن بعد غلبة دولة الروم على فارس.
﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾ فيه قولان
: أحدهما : أنه الخبر الذي ورد على رسول الله ﷺ يوم الحديبية بهلاك كسرى ففرح ومن معه فكان هذا يوم فرحهم بنصر الله لضعف الفرس وقوة العرب.
الثاني : يعني به نصر الروم على فارس.
وفي فرحهم بذلك ثلاثة أوجه :
أحدها : تصديق خبر الله وخبر رسول الله ﷺ.
الثاني : لأنهم أهل كتاب مثلهم.
الثالث : لأنه مقدمة لنصرهم على المشركين.
﴿ بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾ يعني من أوليائه لأن نصره مختص بغلبة أوليائه لأعدائه فأما غلبة أعدائه لأوليائه فليس بنصر وإنما هو ابتلاء.
﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ في نقمته ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ لأهل طاعته
. قوله تعالى :﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعلمون أمر معايشهم متى يزرعون ومتى يحصدون وكيف يغرسون وكيف يبنون، قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة. وقال الضحاك : هو بنيان قصورها وتشقيق أنهارها وغرس أشجارها فهذا ظاهر الحياة الدنيا.
الثاني : يعلمون ما ألقته الشياطين لهم من أمور الدنيا عند استراقهم السمع من سماء الدنيا، قاله ابن جبير.
ويحتمل ثالثاً : أن ظاهر الحياة الدنيا العمل لها، وباطنها عمل الآخرة.
﴿ وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ يحتمل وجهين
: أحدهما : عما أعده الله في الآخرة من ثواب عن طاعته وعقاب على معصيته.
الثاني : عما أمرهم الله به من طاعة وألزمهم إياه.


الصفحة التالية
Icon