قوله تعالى :﴿ وَلَو أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ.. ﴾ الآية. وفي سبب نزولها قولان :
أحدهما : ما رواه سعيد عن قتادة أن المشركين قالوا إنما هو كلام يعني القرآن يوشك أن ينفد، فأنزل الله هذه الآية يعني أنه لو كان شجر البر أقلاماً ومع البحر سبعة أبحر مداداً لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحور قبل أن تنفد عجائب ربي وحكمته وعلمه.
الثاني : ما رواه ابن عباس أن رسول الله ﷺ لما قدم المدينة قالت له أحبار اليهود يا محمد أرأيت قولك :﴿ وَمَا أُوتِيْتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [ الإٍسراء : ٨٥ ] إِيانا تريد أم قومك؟ قال :« كُلٌ لَمْ يُؤْتَ مِنَ الُعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً أَنْتُم وَهُمْ » قالوا : فإنك تتلو فيما جاءك من الله أنَّا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء، فقال رسول الله ﷺ :« إنَّهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ » فنزلت هذه الآية
. ومعنى :﴿... يَمُدُّهُ... ﴾ أي يزيد فيه شيئاً بعد شيء فيقال في الزيادة.
مددته وفي المعونة أمددته. ﴿... مَا نَفَدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ ونفاد الشيء هو فناء آخره بعد نفاد أوله فلا يقال لما فني جملة : نفد.
وفي ﴿ كَلِمَاتُ اللُّهِ ﴾ هنا أربعة أوجه :
أحدها : أنها نعم الله على أهل طاعته في الجنة.
الثاني : على أصناف خلقه.
الثالث : جميع ما قضاه في اللوح المحفوظ من أمور خلقه.
الرابع : أنها علم الله.
قوله تعالى :﴿ مَا خَلْقَكُمُ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ يقال إنها نزلت في أُبي بن خلف وأبي الأشدين ومنبه ونبيه ابني الحجاج بن السباق قالوا للنبي ﷺ : إِن الله خلقنا أطواراً نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم تقول إنا نبعث خلقاً جديداً جميعاً في ساعة واحدة فأنزل الله هذه الآية لأن الله لا يصعب عليه ما يصعب على العباد وخلقه لجميع العالم كخلقه لنفس واحدة.
﴿ إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ سميع لما يقولون، بصير بما يفعلون.