قوله :﴿ وَقَالُواْ أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ ﴾ فيه ثلاثة أوجه
: أحدها : هلكنا، قاله مجاهد.
الثاني : صرنا فيه رفاتاً وتراباً، قاله قتادة والعرب تقول لكل شيء غلب عليه غيره حتى خفي فيه أثره قد ضل، قال الأخطل :

كنت القذى في موج أكدر مزبد تقذف الأتيُّ به فَضَلَّ ضلالاً.
الثالث : غُيِّبنا في الأرض، قاله قطرب وأنشد النابغة :
فآب مُضلُّوه بعين جلية وغودر بالجولان حزمٌ ونائل
وقرأ الحسن : صللنا، بصاد غير معجمة وفيه على قراءته وجهان
: أحدهما : أي أنتنت لحومنا من قولهم صل اللحم إذا أنتن، قاله الحسن.
الثاني : صللنا من الصلة وهي الأرض اليابسة ومنه قوله تعالى :﴿ مِن صَلصَالٍ كَالْفَخَّارِ ﴾ ﴿ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ أي أَتُعَادُ أجسامنا للبعث خلقاً جديداً تعجباً من إعادتها وإنكاراً لبعثهم وهو معنى قوله تعالى :
﴿ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِم كَافِرُونَ ﴾ وقيل إن قائل ذلك أُبي بن خلف
. قوله تعالى :﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوتِ الَّذِي وُكّلَ بِكُمْ ﴾ أي يقبض أرواحكم والتوفي أخذ الشيء على تمام، مأخوذ من توفية العدد ومنه قولهم استوفيت دَيْني من فلان.
ثم في توفي ملك الموت لهم قولان :
الأول : بأعوانه.
الثاني : بنفسه. روى جعفر الصادق عن أبيه قال نظر رسول الله ﷺ إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له النبي ﷺ [ يا ملك الموت ] :« ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ » فقال ملك الموت عليه السلام يا محمد طب نفساً وقر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق واعلَمْ أن ما من أهل بيت مدر ولا شعر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، واللَّه يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله تعالى هو الآمر بقبضها، قال جعفر إنما يتصفحهم عند مواقيت الصلوات.
﴿ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم تُرْجعُونَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : إلى جزائه.
الثاني : إلى أن لا يملك لكم أحد ضراً ولاً نفعاً إلا اللَّه.


الصفحة التالية
Icon