قوله تعالى :﴿ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ قال ابن عباس يعني يوم الأحزاب حين أنعم الله عليهم بالصبر ثُم بالنصر.
﴿ إِذْ جَآءَتْكُم جُنُودٌ ﴾ قال مجاهد : جنود الأحزاب أبو سفيان وعيينة بن حصين وطلحة بن خويلد وأبو الأعور السلمي وبنو قريظة.
﴿ فَأرْسَلْنَا عَلَيِهِمْ رِيحاً ﴾ قال مجاهد : هي الصَّبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم ونزعت فساطيطهم وروى ابن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« نُصِرْتُ بِالصّبَا وأُهْلِكَت عَادٌ بِالدَّبُورِ » وكان من دعائه يوم الأحزاب « اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَورَتَنَا وَآمِن رَوْعَتَنَا » فضرب الله وجوه أعدائه بريح الصَبا.
﴿ وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا ﴾ قال مجاهد وقتادة : هم الملائكة
. وفي ما كان منهم أربعة أقاويل :
أحدها : تفريق كلمة المشركين وإقعاد بعضهم عن بعض.
الثاني : إيقاع الرعب في قلوبهم، حكاه ابن شجرة.
الثالث : تقوية نفوس المسلمين من غير أن يقاتلوا معهم وأنها كانت نصرتهم بالزجر حتى جاوزت بهم مسيرة ثلاثة أيام فقال طلحة بن خويلد : إن محمداً قد بدأكم بالسحر فالنجاة النجاة.
﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً ﴾ يعني من حفر الخندق والتحرز من العدو
. قوله تعالى :﴿ إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ ﴾ يعني من فوق الوادي وهو أعلاه من قبل المشرق، جاء منه عوف بن مالك في بني نضر، وعيينة بن حصين في أهل نجد، وطلحة بن خويلد الأسدي في بني أسد.
﴿ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ ﴾ يعني من بطن الوادي من قبل المغرب أسفل أي تحتاً من النبي ﷺ، جاء منه أبو سفيان بن حرب على أهل مكة، ويزيد بن جحش على قريش، وجاء أبو الأعور السلمي ومعه حيي بن أخطب اليهودي في يهود بني قريظة مع عامر بن الطفيل من وجه الخندق.
﴿ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : شخصت.
الثاني : مالت :
﴿ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرَ ﴾ أي زالت عن أماكنها حتى بلغت القلوب الحناجر وهي الحلاقيم واحدها حنجرة. وقيل إنه مثل مضروب في شدة الخوف ببلوغ القلوب الحناجر وإن لم تزل عن أماكنها مع بقاء الحياة. وروي عن ابي سعيد الخدري أنه قال يوم الخندق : يا رسول الله ﷺ هل تأمر بشيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر فقال :« نعم قُولُواْ : اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتَنَا وَآمِنْ رَوْعَتَنَا » قال : فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزموا بها.
﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : فيما وعدوا به من نصر، قاله السدي.
الثاني : أنه اختلاف ظنونهم فظن المنافقون أن محمداً وأصحابه يُستأصلون وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله ورسوله حق وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون، قاله الحسن.


الصفحة التالية
Icon