قوله تعالى :﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُوُلِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أي مواساة عند القتال، قاله السدي.
الثاني : قدوة حسنة يتبع فيها، والأسوة الحسنة المشاركة في الأمر يقال هو مواسيه بماله إذا جعل له نصيباً.
وفي المراد بذلك وجهان :
أحدهما : الحث على الصبر مع النبي ﷺ في حروبه.
الثاني : التسلية لهم فيما أصابهم فإن النبي ﷺ شُج وكُسِرَت رباعيته وقتل عمه حمزة.
﴿ لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر قاله ابن عيسى.
الثاني : لمن كان يرجوا الله بإيمانه ويصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، قاله ابن جبير.
﴿ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ يحتمل وجهين
: أحدهما : أي استكثر من العمل بطاعته تذكراً لأوامره.
الثاني : أي استكثر من ذكر الله خوفاً من عقابه ورجاء لثوابه واختلف فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين :
أحدهما : المنافقون عطفاً عل ما تقدم من خطابهم.
الثاني : المؤمنون لقوله :﴿ لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾.
واختلف في هذه الأسوة بالرسول هل هي على الإِيجاب أو على الاستحباب على قولين :
أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل علىلاستحباب.
الثاني : على الاستحباب حتى يقول دليل على الإيجاب.
ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا.
قوله تعالى :﴿ وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأحْزَابِ... ﴾ الآية. فيه قولان :
أحدهما : أن الله وعدهم في سورة البقرة فقال ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم ﴾ [ البقرة : ٢١٤ ] الآية. فلما رأواْ أحزاب المشركين يوم الخندق ﴿ قَالُواْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ قاله قتادة.
الثاني : ما رواه كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله ﷺ عام ذكرت الأحزاب فقال :« أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةُ عَلَيهَا يَعْنِي قُصُورِ الحِيرَةِ وَمَدَائِنِ كِسرَى فَأبْشِرُوا بِالنَّصْرِ » فاستبشر المسلمون وقالوا : الحمد لله موعد صادق إذ وعدنا بالنصر بعد الحصر فطلعت الأحزاب فقال المؤمنون ﴿ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولَهُ ﴾ الآية.
﴿... إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ﴾ فيه قولان
: أحدهما : إلا إيماناً وتسلمياً للقضاء، قاله الحسن.
الثاني : إلا إيماناً بما وعد الله وتسليماً لأمر الله.


الصفحة التالية
Icon