قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴾ يعني صداقهن وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أحل له لهذه الآية أزواجه الأول اللاتي كن معه قبل نزول هذه الآية قاله مجاهد. وأما إحلال غيرهن فلا لقوله ﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِنْ بَعُدْ ﴾.
الثاني : أنه أحل له بهذه الآية سائر النساء ونسخ به قوله ﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِنْ بَعْدُ ﴾.
الثالث : أنه أحل بها من سماه فيها من النساء دون من لم يسمعه من قوله.
﴿ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ﴾ يعني الإماء
. ﴿ مِمَّا أَفَّآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ ﴾ يعني من الغنيمة فكان من الإماء مارية أم ابنه إبراهيم. ومما أفاء الله عليه صفية وجويرية أعتقهما وتزوج بهما.
﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وبَنَاتِ خَالاَتِكَ ﴾ قاله أُبي بن كعب ثم قال :﴿ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يعني المسلمات.
الثاني : المهاجرات إلى المدينة. روى أبو صالح عن أم هانىء قالت : نزلت هذه الآية وأراد النبي ﷺ أن يتزوجني فنهي عني لأني لم أهاجر واختلف في الهجرة على قولين :
أحدهما : أنها شرط في إحلال النساء لرسول الله ﷺ من غريبة وقريبة حتى لا يجوز أن ينكح إلا بمهاجرة.
الثاني : أنها شرط في إحلال بنات عمه عماته المذكورات في الآية. وليست شرطاً في إحلال الأجنبيات.
﴿ وامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إن وَهَبْتَ نَفْسَهَا للِنَّبِيِّ ﴾ اختلف أهل التأويل هل كان عند النبي صلى لله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها على قولين :
أحدهما : لم تكن عنده امرأة وهبت نفسها له، وهو قول ابن عباس ومجاهد وتأويل من قرأ إن وهبت بالكسر محمول على المستقبل.
الثاني : أنه كانت عنده امرأة وهبت نفسها، وهو قول الجمهور وتأويل من قرأ بالفتح أنه في امرأة بعينها متى وهبت نفسها حل له أن ينكحها، ومن قرأ بالكسر أنه في كل امرأة وهبت نفسها أنه يحل له أن ينحكها.
واختلف في التي وهبت نفسها له على أربعة أقاويل :
أحدها : أنها أم شريك بنت جابر بن ضباب، وكانت امرأة صالحة، قاله عروة بن الزبير.
الثاني : أنها خولة بنت حكيم، وهذا قول عائشة رضي الله عنها.
الثالث : أنها ميمونة بنت الحارث، قاله ابن عباس.
الرابع : أنا زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار. قاله الشعبي.
﴿ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونَِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل
: أحدها : أنها خالصة له إذا وهبت له نفسها أن ينكحها بغير أمر ولي ولا مهر.
وليس ذلك لأحد من المؤمنين، قاله قتادة.
الثاني : أنها خالصة له إذا وهبت له نفسها أن لا يلزمه لها صداق وليس ذلك لغيره من المؤمنين، قاله أنس بن مالك وسعيد بن المسيب.
الثالث : أنها خالصة له أن يملك عقد نكاحها بلفظ الهبة وليس ذلك لغيره من المؤمنين، قاله الشافعي.
قوله تعالى :﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِم فِي أَزْوَاجِهِمْ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : فرضنا ألا تتزوج امرأة إلا بولي وشاهدين.
الثاني : فرضنا ألا يتجاوز الرجل أربع نسوة، وهذا قول مجاهد.
الثالث : فرضنا عليهم لهن النفقة عليهن والقسم بينهن. قاله بعض الفقهاء.
﴿ وَمَا مَلَكَتُ أَيْمَانُهُمْ ﴾ يعني أن يحللن له من غير عدد محصور ولا قسم مستحق ﴿ لِكَيلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أنه راجع إلى قوله :﴿ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ﴾ ؛ قال ابن عيسى.
الثاني : إلى قوله :﴿ وَامْرَأةً مُّؤْمِنَةً إن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﴾ ويشبه أن يكون قول يحيى بن سلام.