قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَنْا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا ﴾ وفيه مضمر محذوف تقديره مختلف ألوانها وطعومها وروائحها، فاقتصر منها على ذكر اللون لأنه أظهرها ﴿ وَمِنَ الْجبَالَ جُدَدٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن الجدد القطع مأخوذ من جددت الشيء إذا قطعته، حكاه ابن بحر.
الثاني : أنها الخطط واحدتها جُدة مثل مُدة ومدد، ومنه قول زهير :
كأنه أسفع الخدين ذو جُدد | طاوٍ ويرتع بعد الصيف عريانا |
العين طامعة واليد سابحة | والرجل لافحة والوجه غربيب |
. وفي المراد بالغرابيب السود ثلاثة أوجه :
أحدها : الجبال السود، قاله السدي.
الثاني : الطرائف السود، قاله ابن عباس.
الثالث : الأودية السود، قاله قتادة.
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوآبِّ وَالأَنعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلَوَانُهُ كَذلِكَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : كذلك مختلف ألوانه أبيض وأحمر وأسود.
الثاني : يعني بقوله كذلك أي كما اختلف ألوان الثمار والجبال والناس والدواب والأنعام كذلك تختلف أحوال العباد في الخشية.
ثم استأنف فقال :﴿ إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عَبَادِهِ الْعُلَمَآءُ ﴾ يعني بالعلماء الذين يخافون.
قال الربيع بن أنس : من لم يخش الله فليس بعالم. قال ابن مسعود : المتقون سادة، والعلماء قادة. وقيل : فاتحة الزبور الحكمة خشية الله.