قوله تعالى :﴿ وآية لهم ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : عبرة لهم لأن في الآيات اعتباراً.
الثاني : نعمة عليهم لأن في الآيات إنعاماً.
الثالث : إنذار لهم لأن في الآيات إنذاراً.
﴿ أنَّا حَملْنا ذُرّيتَهم في الفلك المشحون ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الذرية الآباء حملهم الله تعالى في سفينة نوح عليه السلام، قاله أبان بن عثمان، وسمى الآباء ذرية لأن منهم ذرء الأبناء.
الثاني : أن الذرية الأبناء والنساء لأنهم ذرء الآباء حملوا في السفن، والفلك هي السفن الكبار، قاله السدي.
الثالث : أن الذرية النطف حملها الله تعالى في بطون النساء تشبيهاً بالفلك المشحون، قاله عليّ رضي الله عنه.
وفي ﴿ المشحون ﴾ قولان :
أحدهما : الموقر، قاله ابن عباس.
الثاني : المملوء، حكاه ابن عباس أيضاً.
﴿ وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ﴾ فيه أربعة تأويلات : أحدها : أنه خلق مثل سفينة نوح مما يركبونها من السفن، قاله ابن عباس.
الثاني : أنها السفن الصغار خلقها لهم مثل السفن الكبار، قاله أبو مالك.
الثالث : أنها سفن الأنهار خلقها لهم مثل سفن البحار، قاله السدي.
الرابع : أنها الإبل خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر، قاله الحسن وعبد الله بن شداد. والعرب تشبه الإبل بالسفن، قال طرفة :

كأنَّ حدوج المالكية غدوةً خلايا سَفينٍ بالنواصِف من رَدِ
ويجيء على مقتضى تأويل عليّ رضي الله عنه في أن الذرية في الفلك المشحون هي النطف في بطون النساء. قولٌ خامس في قوله :﴿ وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ﴾ :
أن يكون تأويله النساء خلقن لركوب الأزواج، لكن لم أره محكياً.
قوله تعالى :﴿ وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فلا مغيث لهم، رواه سعيد عن قتادة.
الثاني : فلا منعة لهم، رواه شيبان عن قتادة.
﴿ ولا هم ينقذون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من الغرق.
الثاني : من العذاب.
﴿ إلا رحمة منا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إلا رحمتنا، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : إلا نعمة منا، قاله مقاتل.
﴿ ومتاعاً إلى حين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إلى الموت، قاله قتادة.
الثاني : إلى القيامة، قاله يحيى.


الصفحة التالية
Icon