قوله تعالى :﴿ أو لَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خلقناه مِن نفطةٍ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنها نزلت في أبيّ بن خلف الجمحي أتى النبي ﷺ يجادله في بعث الموتى، قاله عكرمة ومجاهد والسدي.
الثاني : أنها نزلت في العاص بن وائل أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده ثم قال لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : أيحيي اللَّه هذا بعدما أرمّ؟ فقال رسول الله ﷺ « نعم ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم » فنزلت هذه الآيات فيه، قاله ابن عباس.
﴿ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ ﴾ أي مجادل في الخصومة مبين للحجة، يريد بذلك أنه صار بعد أن لم يكن شيئاً خصيماً مبيناً، فاحتمل ذلك أمرين :
أحدهما : أن ينبهه بذلك على نعمه عليه.
الثاني : أن يدله بذلك على إحياء الموتى كما ابتدأه بعد أن لم يكن شيئاً.
قوله تعالى :﴿ وضَرب لنا مثلاً ونَسي خلقه ﴾ وهو من قدمنا ذكره ويحتمل وجهين :
أحدهما : أي ترك خلقه أن يستدل به.
الثاني : سها عن الاعتبار به.
﴿ قال مَن يُحْيِ العظَامَ وهي رَميمٌ ﴾ استبعاداً أن يعود خلقاً جديداً. فأمر الله نبيه ﷺ أن يجيبه بما فيه دليل لأولي الألباب.
﴿ قل يحييها الذي أنشأها أول مَرَّة ﴾ أي من قدر عل إنشائها أول مرة من غير شيءٍ فهو قادرعلى إعادتها في النشأة الثانية من شيء.
﴿ وهو بكل خَلقٍ عليم ﴾ أي كيف يبدىء وكيف يعيد.
قوله تعالى :﴿ الذي جَعَلَ لكم مِنَ الشجر الأخضر ناراً ﴾ الآية أي الذي جعل النار المحرقة في الشجر الرطب المَطفي وجمع بينهما مع ما فيهما من المضادة، لأن النار تأكل الحطب، وأقدركم على استخراجها هو القادر على إعادة الموتى وجمع الرفات.
ويحتمل ذلك منه وجهين :
أحدهما : أن ينبه الله تعالى بذلك على قدرته التي لا يعجزها شيء.
الثاني : أن يدل بها على إحياء الموتى كما أحييت النار بالإذكاء.
قال الكلبي : كل الشجر يقدح منه النار إلا العناب.
وحكى أبو جعفر السمرقندي عن أحمد بن معاذ النحوي في قوله تعالى ﴿ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ﴾ يعني به إبراهيم، ﴿ ناراً ﴾ أي نوراً يعني محمداً ﷺ.
﴿ فإذا أنتم منه توقِدون ﴾ أي تقتبسون الدين.


الصفحة التالية
Icon